شقائق النعمان.. في مهرجان الشقائق تورونتو / إعداد: خولة السنجري/ عراقية مغتربة في كندا
شقائق النعمان.. إعداد: خولة السنجري/ عراقية مغتربة في كندا
في مهرجان سقائق النعمان_ تورونتو
شقائق النعمان
إعداد خولة السنجري … عراقية مغتربة في كندا
مع بداية فصل الربيع تفترش الأرض بشتى أنواع الزهور جذابة الالوان ومن أجملها شقائق النعمان، وتمتاز هذه الزهرة بلونها الأحمر الناري وساقها الرفيع الغض المنتصب. تعرف شقائق النعمان باسم (الشقار الاكليلي) كما وتعرف ب(الحنون أو الدحنون) وتنبت بعدة ألوان لكن لونها الأجمل والأروع هو الأحمر القاني الذي يرسم الكثير من الروايات حول هذه النبتة.
الموطن الأصلي لهذه النبتة الرائعة: أوربا وشمال أفريقيا وأيضاً تنتشر في المناطق المعتدلة في قارة آسيا، أما في بلادنا فتوجد هذه الزهرة في جبال فلسطين وسوريا ولبنان والعراق والأردن وبادية الشام.
شقائق النعمان ومفردها شقيقة سميت بالجمع لأنها تنتشر في جماعات ويكون تكاثرها عن طريق البذور، وتستعمل للزينة ولأغراض علاجية، ومن فوائدها أنها مهدئة للاعصاب ومسكنة للآلام وتستعمل كعلاج في حالات الأرق والسعال والربو ولتقوية البصر ، وذكرها ابن البيطار كعلاج للقروح الملوّثة، وعصارته تنقي الدماغ. وقد نشرت عشبة شقائق النعمان في دستور الأدوية البريطانية لعام 1949.
كلمة (نعمان) تعني (دم) باللغة العربية الفصحى، وكلمة (شقيقة) تعني الأخت من الأم والأب، فهي أخت الدم في لونه، ومن هنا جاءت تسمية شقائق النعمان. وهي من الورود الأكثر نصيباً في الأساطير؛ ترتبط بأسطورة أدونيس، تموز في البابلية مع حبيبته عشتار، وعند اليونانيين افروديت وعند الرومان فينوس. تلك الأسطورة تحكي بأن قصة حب نشأت بين أدونيس وعشتار التي نصحته بأن لا يأمن الحيوانات التي تعترضه، ولكن شجاعته ما كانت لتوقفها تحذيرات حبيبته فطعن خنزيراً برياً برمحه. ركض الخنزير خلف أدونيس وعضه في فخذه فوصلت صرخته إلى مسامع عشتار التي عادت إليه مسرعة فرأته مضرجاً بدمائه وراحت تبكي وتقول: سوف تبقى يا أدونيس ذكرى حزن بالغ للأبد ولتنبتن زهرة من دمك، وصبت على دمه رحيق زهرة جميلة لم يكد يمس دمه حتى تصاعدت منه فقاعات صافية وظهرت زهرة بلون الدم هي زهرة شقائق النعمان، نبتت من دمه وأخذت لونها منه لكنها كانت رقيقة واهية الساق تعصف بها الرياح ولا تدوم طويلاً . ومن هذه الأسطورة نستدل على معنى التسمية، فأصل كلمة (النعمان) هي (النحمان) وتعني في اللغة السريانية، القائم من الموت، ونحم بمعنى بعث، لذلك نقول بأن شقائق النعمان نبتة لها مكانة وجذور تأريخية وأخذت الشعوب تعدها زهرتهم التي ترمز لشهدائهم ، فلونها الأحمر القاني وظهورها بالبراري كرّمَها بأن تكون رمزاً للشهادة والوفاء كوجه الشهيد الذي يسيل دمه في سبيل الحق والحلم والأرض.
ذكرت هذه الزهرة في شعرنا العربي كنداء انساني، فيحاول الشاعر الباحث عن المعنى المتوج بالشقائق ليرمز بذلك إلى أن دماء الشهداء انبعثت من التراب مثلما تنبعث شقائق النعمان حمراء في صورة زهرة ليكتمل الجوهر في التعبير الشعري عن رمزية الدم والأرض والبزوغ من رحم الحياة إلى حياة أخرى أكثر انسانية. ومن قصيدة الشاعر سمير سنكري:
تبكي المرافئ من آلام دنيانا إن غاب عنها حبيب من سرايانا
يا أطهر الناس يا من للعلا مثلا أنت العظيم الذي بالموت أحيانا
تبقى الكبير الذي أعطى بلا منن من خافق لامس الوجدان ايمانا
أعطى الشقائق من أنفاسه وبها عاش الربيع بوجه الأرض ريانا
رواية أخرى تقول بأن سبب تسميتها بهذا الاسم يعود الى احد ملوك دولة المناذرة وعاصمتها الحيرة وكان اسمه النعمان بن المنذر الذي أحب هذه الزهرة وأمر بحمايتها وزرعها حول قصره.
ويقال أن هذه الزهرة نبتت على قبر النعمان بن المنذر الملك الشجاع الذي خلده التاريخ لأنه رفض الخضوع لملك الفرس بتسليم نساء العرب إليهم، فقتل وداسته الفيلة وكان ذلك الحدث هو الشرارة لمعركة ذي قار .
إذن فزهرة شقائق النعمان هي رمز للشهادة أو الدم، وكما قلنا أن النعمان هو أحد أسمائه، نبتت فوق شاهد قبرٍ لمن حافظ على الهوية في مواجهة الأعداء فخلقت تلك الزهرة لتكون أنيس الراحل.
تغزل الكثير من الشعراء والأدباء بشقائق النعمان لجمالها وهذا ايليا أبو ماضي يتخذ من ألوانها في وصف جمال محبوبته في قصيدته:
روحي فداك شقائق النعمان:
لما رأيت الورد في خديك وشقائق النعمان في شفتيك
ورأيتُ رأسك بلأقاح متوّجاً والفلَّ طاقاتٍ على نهديك
وعلى جبينك مثل قطرات الندى والنرجس الوسنان في عينيك
وسمعت حولك همس نسمات الصَّبا عند الصباح تهز من عطفيك
أيقنت أنك جنةٌ خلابة، فحننت من بعد المشيب اليك
روحي فداؤك انها لو لم تكن في راحتيك هوت على قدميك
أما ابن صارة الأندلسي فقد اختار لوناً قريباً من الطبيعة جسدته شقائق النعمان حيث قال:
هذا الثناء إلى زمان مشرق أهدى اليك شقائق النعمان
قامت فراداً فوق سوق زبرجد صيغت عليه جماجم العقبان
وغنى المطرب السوري صباح فخري من الفولكلور كلمات ولحناً:
البلبل ناغى عغصن الفل أه يا شقيق النعمان
قصدي الاقي محبوبي بين الياسمين والريحان
ومن أسماء شقائق النعمان، زهرة النساء. وقيل أن المرأة والزهرة توأمان يضفيان السعادة والبهجة على الكون بأكمله.
About The Author
تعليق واحد