كلمة عن الاصدار الجديد”وشم في ذاكرتي” بقلم// الدكتور مديح الصادق//كندا
الكاتبة ليلى عبد الواحد
كلمة عن الاصدار الجديد”وشم في ذاكرتي” بقلم// الدكتور مديح الصادق//كندا
ما أجمل أن يحمل لك ساعي البريد إصدارا جديدا من زميل عزيز، أو زميلة عزيزة، كنت قد مررت عليها!
وصلتني اليوم هدية الزميلة الأديبة ليلى المراني، مجموعتها القصصية الأولى الصادرة عن دار المختار للنشر والتوزيع في جمهورية مصرالعربية، لصاحبها الزميل الناقد، الدكتور مختار أمين العزيز، وتصميم الزميلة الأديبة الفنانة سعاد العتابي، فقد تضمنت المجموعة ثلاثا وعشرين قصة قصيرة، تناولت مواضيع شتى من واقعها الذي عاشته في وطنها الأم، العراق، أو خلال رحلتها في المهجر، ومن خيالها الخصب كانت هناك حصة أخرى، كان لي شرف التقديم لها، ولها مني جزيل الشكر والامتنان، مع التمنيات بالمزيد من التألق والإبداع.
كلمات متواضعة بحق الأديبة ليلى عبد الواحد المرَّاني
بيوتنا ملتصقةٌ ببعضها، في حيٍّ قديم يجمع عوائل مختلفة المستويات والأجناس، مع بعضها تشكلّ نسيجاً متجانساً، وعائلةً واحدة، السطوح متلاصقة لا يفصلها عن بعض سوى حائط واطئ
بالكاد يحجب الجار عن جاره؛ حتى نكاد نسمع شخير بَعضنا، وهمسات أزواجٍ مسروقة
بمثل هذا الاستهلال تطالعك حكاياتها، فالبيئة عند ليلى المراني عنصر أساسي في بناء أحداثها، وهذا المشهد يتكرر في أغلبها، إذ تنقل المتلقي خارج رقعته التي يعيش؛ ليجد نفسه حيث أرادت له الكاتبة أن يكون، وبيئاتها في كثيرمن نصوصها تتوزع بين واقع عاشته، وترعرت وسطه منذ الطفولة حتى غادرت وطنا عشقته غير مختارة، وقد وصفت رحلة الرحيل في إحداها، أو ما عنه قرأت أو سمعت أو شاهدت في زيارة أو عرض تلفازي
لم تستطع النوم وهي تحتضن حذاءها الحلم، منتظرةً صبيحة العيد كي تتباهى به أمام صديقاتها
الهاجس الإنساني شكَّل محور ما ضمنت مجموعتها من أفكار، الصراع الطبقي، التمايز الاجتماعي، امتهان حقوق المرأة والنيل من كرامتها، حرمان الطفولة من أبسط ما يجب أن يتمتع به الطفل في المجتمعات المُتحضرة، الحروب، الاستبداد، الوطن، والحبيب.
أخوك سعيد قُتِل، صوتٌ متهدّجٌ اخترق حواجز سمعه، وآخر ما سمعه.. تفجير، سيارة مفخّخة، جاءه الصوت ملفّعاً بالحزنِ…
أما الأحداث في حكايات ليلى المراني فهي جزء مما عاشته، واكتوت بناره، أو ما يتكرر يوميا في وطن ألهبته الحروب بنيرانها، والصراعات الطائفية، وتناهشته حيتان الفساد من كل حدب وصوب، ما كان نتاج بيئة تطبعها إزدواجية الخلط بين مظاهر التحضر، والعادات الموروثة، وما ينتج من هذا الخلط من أحداث وشخصيات جسدتها بشكل أو بآخر في نصوصها، وللخيال حصة فيما كتبت، وبلا خيال لا جمال لنص أدبي.
وأبٌ قابعٌ في مكتبه بين أكداس الكتب والأوراق المبعثرة، ماذا كان يكتب؟ ولمن، ومع من يتحدّث؟ أسئلةٌ كثيرة كانت تثير استغرابي، لكنّ نظرة إلى وجه طفلي الصغير، كانت تنسيني كلٰ تساؤلاتي..
عندما تجتمع لدى الكاتب مقومات قصته؛ فإنها تبقى غير مكتملة إن لم يضع كل شخصية فيها في موقعها الذي يناسبها، من حيث مواصفاتها ودور كل منها، وهي وليدة البيئة أساسا؛ لكن يبقى دور الكاتب في إخراجها من قيود بيئتها لتتحول إلى عامل دفع وتجديد؛ بل ثورة على ما هو قد رسم حوله دائرة الرفض، وتلك رسالة الأدب الملتزم، وقد كانت محاولات ليلى المراني موفقة في كثير من النصوص في اختيار الشخصيات
لقد تابعتُ ما تضمنته هذه المجموعة من قصص قصيرة، وحكايات فكانت لي مع صديقتي الأديبة ليلى المراني كثير من الوقفات، وهي التي وظفت رصيدها في العربية فكانت لغتها أدبية فصحى
تجيد بناء جملها بشكل يجذب المتلقي، تتقبل النقد الموضوعي الهادف مع إصرارها – أحيانا – على التشبث بما تراه صوابا، أما الحبكة في نصوصها فقد تراوحت بين الحبكة الفنية لكاتب مُحترف وسرد مباشر خال من التعقيد؛ كطبخة جاهزة لمن يستسيغ الحاضر من الوجبات، وفي نهاياتها تفاوت بين الجري نحو الهدف بسرعة المتسابقين في بعضها، وتأنِّي الحكيم الذي يرمي الكرات في مرامي من يطمع منهم اختبار قدرتهم على حل الألغاز في بعض آخر منها.
أتمنى لزميلتنا وصديقتنا الأديبة ليلى عبد الواحد المرَّاني التوفيق في باكورة أعمالها في مجال القصة والحكاية، وهي التي عاشت في كنف عائلة متنورة، مع شقيق نذر نفسه للأدب العربي وقضاياه الوطنية والإنسانية، الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد، له طيب الذكر.
الأديب مديح الصادق
رئيس التجمع الإنساني الثقافي
عراقي مقيم في كندا حاليا
إرسال التعليق