×

الشَّمْسُ الْغَاضِبَةُ…// بقلم الشاعر محمد نعيم بربر/ لبنان

الشَّمْسُ الْغَاضِبَةُ…// بقلم الشاعر محمد نعيم بربر/ لبنان

الشَّمْسُ الْغَاضِبَةُ

بقلم الشاعر محمد نعيم بربر

 ( من بحرالكامل )                    

لِلشَّمْسِ أَروِي قِصَّتِــــــي ، أَحكِي لَهَا

ظُلْمَ النُّجُـــــــومِ ، وَجَفْوَةَ الأَقْمَـــــــارِ

أَشكُو لَهَــــــا حُرَقَ الْجَوَى وَضِرَامَــهُ

وَصُدُودَ أَهْلِ الْعِشــــــــــقِ وَالسُّمَّـــارِ

أَحْتَجُّ فَوقَ مَنَابـــــِرِي ، خَلْفَ الْمَـدَى

مِلْءَ الصَّدَى ، وَحَنَاجِــــــرِ الشُعَّــارِ

أَصْبُو لَهَا فَتَصُدُّنِــــي ،  أَدْنُو لَهَــــــا

فَتُزِيحُنِـــــــــــي عَنْهَا لِخَطِّ مَــــدَارِي

أَشْتَاقُهَــــــــا ، فَتَلُفُّنِـــــي بِلَهِيْبِهَــــــا

وَأَخَافُهَــــــــــــــا فَتَرُشُّنِي بِالنَّــــــارِ

عَجَبًـــــــــا لَهَا مَا كُنْتُ أَحسبُ أَنَّنِــي

سَأَكُـــــونُ فِي دَارِي غَرِيْبَ الــــدَّارِ

فَتَقُولُ : أَنْتُمْ  مَعْشَــــــــــرَ الشُعَّـــارِ

كَمْ شَوَّهَتْ أَشعَارُكُــــــــــم أَخْبَــاري

فَأَنَا الْحَيَــــــــاةُ لأَرضِكُم وَفَضَائِكُــمْ

مُنْذُ الْخَلِيقَــــةُ ، مَنْبَـــــعُ الأَســــرَارِ

وَأَنَا الرَّجَــــــاءُ لِجِنْسِكُم وَوُجُودِكُـم

مُذْ قَـــــــدَّرَ اللهُ الْعَظِيـــمُ الْبَــــارِي

أَلْكُلُّ يَركُضُ لاهِثــــًا خَلْفَ اللَّظَــى

وَيَعُـــودُ مُندَثِــــرًا ، بِلَونِ غُبَـــارِي

هَلاَّ نَسِيتُـــــم طَلْعَتِـــي وَمَهَابَتِــــي

فِي مَوكِبِ الأَفـــــــلاكِ وَالأَنـــوَارِ

تَسْتَطْيِبُونَ السَّيرَ خَلْفَ مَوَاكِبِـــــي

وَلَكُم جَسَارةُ مَاكِـــرٍ غَــــــــــــدَّارِ

حَتَّى إِذَا أَخفَيتُ تَحتَ عَبَاءتِـــــــي

جَسَدِي لأَسْتَرخِي بِجِسمِي الْعَـارِي

وَكُسِفتُ عَنْ خَفَرٍ أُكَحِّلُ مُقلَتِــــــي

وَأُزِيحُ عَنْ وَجْهِـــي الْبَهِيِّ خِمَـارِي

شَرَدَتْ عُيُونُكُـــمُ لِبَـــــــدْرٍ طَالِــــعٍ

أَو نَجمَـــــــةٍ سَطَعَت مَعَ الأَسحَـــارِ

فَتُهَروِلُونَ إِلَى الْبُغَاثِ بِشِعرِكُــم (1)

كَمْ مِنْ شُعُورٍ مَــــاتَ فِي الأشْعَــارِ

تَسْتَبْدِلُوْنَ عَنَـــــــادِلاً وَحَمَائِمـــــــًا

بِنَقِيقِ ضَفْدَعَــــةٍ وَصَوتِ حِمَـــــارِ

وَتُصَفِّقُــــونَ ظُلامَـــــةً وَجَهَالَــــةً

لِلدِّيكِ فَوقَ مَزَابِـــــلِ الأَقْــــــــــذَارِ

تَتَثَاءَبُونَ كَقِطَّــــــــــــــةٍ مَخْبُولَــــــةٍ

نَشَبَتْ مَخَالِبَهَـــــــا لِرُؤيَــــــــةِ فَـــــارِ

تَسْتَطْيِبُـــونَ النَّومَ فِي أَحْـــلامِـــــــكُم

كَثَعَالِـــبٍ تَنْسَــــلُّ فِي الأَوكَــــــــــــارِ

وَتُغَـــــــازِلُونَ اللَّيلَ فِي غِربَانِـــكُـــم

شَتَّـــــــــانَ بَينَ نَعِيقِكُـــــم وَكَنَــــارِي

وَإِذَا اسْتَزَدْتُــــمْ خِفَّــــــــةً وَوَضَاعَـــةً

فِي إِفْكِكُـــــــــمْ ، لِتُحَطِّمُــوا أَسْــوَارِي

أَفَلَتْ بِكُــــمْ نَحوَ الْمَغِيبِ وُجُوهُكُــــــم

تَتَزَاحَمُونَ عَلَى رَمَــــــادِ جِمَــــــارِي

تَبًّا لَكُــــــــــــم مِنْ مَعشــــــــرٍ أَشـرَارِ

عَمِيــــَتْ عُيُونُكُـــمُ بِضَوْءِ نَهَــــــارِي

أَلْيَومَ تَحكُـــــمُ بَيْنَنَـــــــا أَخبَارُكُـــــــم

تِلكُـــمْ إِدَانَتُكُــــم بِوَصْمَـــةِ عَـــــــــارِ

تَشكُــــونَ لِي مِنْ جَفْـــــــوَةِ الأَقمَـــارِ

سُحْقًـــــــــا لَكُم فِي جَنَّــــةٍ أَو نَــــــارِ

مَا هَذِهِ الأَقْمَـــــــــارُ إِلاَّ وَمضَــــــــةٌ

مِنْ ظِلِّ أَطيَافِــــــــي وَلَونِ نُضَــارِي

سَأُبَدِّلُ الأَفْــــــــــلاكَ فَوقَ رُؤوسِكُــمْ

أَلْيَومَ مَوعِدُكُــــــمْ لأَخْـــــذِ الثَّــــــــارِ

سَأَزَيدُ مِن لَهَبِــــــــــي عَلَى أَقْمَارِكُــم

وَأَصُبُّ مِنْ حُمَمِـــي وَهَوْلِ دَمَـــــاري

وَأرُشُّ مِنْ شُهُبِـــــي وَعُنْفِ صَوَاعِقِي

غَسَقـًــــا يُحِيْطُ بِكُلِّ نَجْــــــــمٍ سَــــــارِ

سَأُذِيْقُكُـــمْ سُــــــوْءَ الْعَذَابِ بِظُلْمِكُــــم

وَجُحُودِكُـــــــم يَا مَعْشَــــرَ الأشْــــرَارِ

سَأُعِيْدُكُــم لِجُحُورِكُـــم وَظَلامِكُــــم                                                                                

إنِّـــي سَأُعْلِــــنُ ثَــــــــــوْرَةَ  الثـُّـــوَّارِ

إِنْ كَانَ هَذَا الظُلْمُ بَعْضَ قَرَارِكُــــــــــم

فَأَنَـــــا الْجَحِيمُ لَكُـــم ، وَهَذَا قَرَارِي!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ الْبُغَاث : طَائِر أغبراللَّون ، فيه بُقَع بِيْض وسُوْد ، بَطِيء الطَّيَرانِ . والمعنى هُنَا : كُلُّ مَا هو رَدِيء . وفي الْمَثَلِ : ” إنَّ الْبُغَاثَ بِأرْضِنَا يَسْتَنْسِرُ ” .

About The Author

Contact