×

دَارُ أَبِي… بقلم الشاعر محمد نعيم بربر/ لبنان

دَارُ أَبِي… بقلم الشاعر محمد نعيم بربر/ لبنان


دَارُ أَبِي…

الشاعر محمد نعيم بربر

( من بحر الكامل )          

طَالَ الْبُعَادُ وَهَاجَنِي التَّذْكَـــارُ

وَهَفَتْ إلَى رُوْحِي وَقَلْبِي الدَّارُ

كَمْ هَاجَ شَوْقَ الْعَاشِقِيْنَ أحِبَّةٌ

فَتَفَتَّحَتْ عَطْفًا لَهـَـــا الأَزْهَـارُ

كَمْ زَادَنِي شَوْقِي لِدَارِ أَبِي هَوًى

كَمْ زَادَ شَوْقَي الْحُبُّ وَالأَشْعَارُ

ذَكَّرْتِنِي يَا دَارُ حُلْمَ طُفُوْلَـــــةٍ

فِيْهَــا تُصَانُ وَتُحْفَظُ الأَسْرَارُ

ذَكَّرْتِنِي أُمِّي ، وَعُمْرَ بَرَاءَتِي

يَا دَارُ كَمْ زَخَرَتْ بِكِ الأَخْبَارُ

كَمْ رَفْرَفَتْ فِي الدَّارِ أَجْنِحَةُ السَّمَا

وَلِوَجْهِ أُمِّي كَمْ هَفَتْ أَنْــــــوَارُ

كَمْ أَيْقَظَتْ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ رُوْحُهَا

فَاسْتَبْشَرَتْ خَيْرًا بِهَـــــا الأَسْحَارُ

كَمْ رَاقَ زَهْرُ الْيَاسَمِيْنِ بِكَفِّهَــــــا

كَمْ لَفَّ طَــــوْقَ الْيَاسَمِيْنِ سِوَارُ

وَفَمُ الْبَنَفْسَجِ كَمْ هَوَى تَقْبِيْلَهَــــا

وَالْوَرْدُ مِنْهُ ، كَمْ هَفَتْ أَزْرَارُ

يَا طِيْبَ هَذَا الْحُبِّ فِي بُسْتَانِهَا

كَمْ رَاقَ فِي بُسْتَانِهَـــا الْمِشْوَارُ

كَمْ هَاجَ ذِكْرَى الْعَاشِقِيْنَ مَرَابِعٌ

فِيْهَا تَدُوْرُ وَتَضْحَكُ الأَقْـــــدَارُ

كَمْ ذَا عَلَى ذِكْرِ الأَحِبَّةِ أَوْرَقَتْ

دَوْحٌ ، وَغَنَّتْ فَوْقَهَـــا الأَطْيَارُ

تَخْتَالُ فِي عُرْسِ الطَّبِيْعَةِ بَهْجَةً

فَتَزِيْدُ بَهْجَةَ عُرْسِهَــــــا الأوْتَارُ

تَتَرَاقَصُ الألْحَانُ فَوْقَ رُؤُوسِهَا

فَبِكُلِّ غُصْنٍ ، يَسْتَرِيْحُ هَـــزَارُ

ألْكُلُّ فِي عُرْسِ الطَّبِيْعَةِ شَاهِدٌ

فَلَكَمْ شَهِدْتُ ، وَرَاقَتِ الأنْظَارُ

فِي كُلِّ رُكْنٍ جَوْقَةٌ ، تَرْنُو لَهَا

تَهْفُو إلَيْهَا ، تَسْهَرُ الأقْمَـــــــارُ

كَمْ قَدْ تَحَلَّقَ وَسْطَ فَيْئِكِ إخْـوَة ٌ

كَمْ قَدْ تَرَعْرَعَ فِي حِمَاكِ صِغَارُ

كَمْ زَارَ أرْضَكِ صِبْيَةٌ وَأحِبَّةٌ

كِمْ طَابَ أهْلُكِ وَانْتَشَى سُمَّارُ

كَمْ مِنْ رِجَالاتٍ لأرْضِكِ قِدْ هَفَتْ

كَمْ قَدْ تَهَافَتَ حَوْلَـــــكِ الـــزُّوَّارُ

مِنْ كُلِّ ذِي عَلْمٍ وَأهَلِ مَكَـــارِمٍ

فِي كُلِّ رُكْنٍ قَامَ فِيْكِ مَــــزَارُ

يَا دَارُ كَمْ عَشِقَتْ جَمَالَكِ أعْيُنٌ

كَمْ هَـــــامَ فِيْكِ وَغَرَّدَ الشُّعَّارُ

يَأْتُوْنَ مِنْ أقْصَى الْبِلادِ مَحَبَّةً

مَهْمَا تَبِاعَدَتِ الْمَسَافَةُ ، سَارُوا

يَأْتُوْنَ دَارَ أبِي ، كَأنَّ بِدَارِهِ

سَكَنَ الْهَوَى لَوْ تَنْطِقُ الأحْجَارُ

كَالنَّسْرِ كَانَ أبِي ، وَكَانَ لِدَارِهِ

تَأْتِي النُّسُوْرُ ، وَتَلْتَقِي الأحْرَارُ

يَا دَارُ كَمْ مَـــرَّتْ عَلَيْكِ شَوَاهِدٌ

وَالْعُمْرُ فِي فَلَكِ الْحَيَاةِ مَــــدَارُ

تِلْكُمْ مُنَاجَاتِي أُعِيْدُ حَنِيْنَهَـــــا

فَيَعُوْدُ فِيْهَا الْحُبُّ وَالتَّذْكَـــــــارُ

وَقَفَ الزَّمَانُ هُنَيْهَةً فِي خَاطِرِي

فَهَلِ الزَّمَانُ يَدُوْرُ حَيْثُ الدَّارُ؟!

يَا دَارُ كَمْ عَمَرَتْ بِحُبِّكِ مُهْجَتِي

هَلاَّ تَطُوْلُ بِحُبِّكِ الأعْمَــــارُ ؟!

هلاّ تُرَدُّ الرُّوْحُ بَعْدَ غِيَابِهَــــــــا

وأَبِي وَدَارُ أَبِي لَهَـــا عُمَّارُ ؟!

 

About The Author

Contact