×

رأي كامل ( ح2 ) أنتم الأمل … القطاع الصحي – خلية الأزمة / بقلم الشيخ كامل العريضي / لبنان

رأي كامل ( ح2 ) أنتم الأمل … القطاع الصحي – خلية الأزمة / بقلم الشيخ كامل العريضي / لبنان

( رأي كامل ) فقرة شهرية يكتبها فضيلة الشيخ كامل العريضي – مدير مدرسة الإشراق المتن – لبنان. وذلك لتوضيح بعض الامور في مجتمعاتنا الإنسانية …

أنتم الأمل … القطاع الصحي – خلية الأزمة

بقلم الشيخ كامل العريضي

جاءت كورونا واكتسحت أغلب كرتنا الأرضية وبلغ عدد المصابين حوالي ١٢٨ مليون شخص، وعدد الوفيات قارب ٣ ملايين لتاريخه وهو آخذ بالزيادة إلا أننا نسأله تعالى اللطف بعباده. ومنذ البداية بدأ النقاش بين مؤيد ومعارض لوجود هذا الوباء، وانقسم الناس بين نظرية المؤامرة أو أنه من فعل الطبيعة، ومن ثمّ حول الوقاية، إنْ كانت مفيدة وضرورية أم لا؟ وهل هي أيضا مقصودة لضرب الحياة الاجتماعية بين البشر أم مجرد وقت تبتغيه وتتطلبه المرحلة الحرجة؟ والآن، وبعد تأكُّد الجميع بأن هذا الفيروس فتّاك وقاتل وهو موجود فعلا، عدنا إلى النقاش الأول نفسه ولكن مع اللقاح هل هو مفيد أم ضار؟ أهو يتوخّى التجارة بالأدوية والناس أم أنّه فعّال وآمن؟ ولن ينتهي النقاش عند هذا الحد وكل فريق يرى نفسه على صواب. وسوف يتطور النقاش وينتقل من مرحلة إلى أخرى، إنها سُنّة البشرية…

أمام هذا الواقع والجدل القائم انبرى جماعة من المؤمنين بضرورة المساعدة والتنبيه والتوعية والعمل الجاد لتحذير الإنسان من هذا الوباء الخطير والمستطير، لا بل وضعوا أنفسهم في مقدمة الحرب الضروس، وواجهوا الفيروس بصدورهم. فما أبهى إقدامهم عندما امتنع الأب عن معاملة ابنه والأم عن رعاية ابنتها، والأولاد عن مخالطة أهلهم خوفا من انتقال العدوى إليهم! وهل أقدس من وقفتهم وجها لوجه أمام الموت؟ لا بل كأني بهم يخاطبونه قائلين: سنقوم بواجبنا الإنساني وسنحاول بكل جهدنا تقديم أقصى ما نقدر عليه لتحفيز المصابين ودعمهم وتأمين العلاج اللازم لهم، والأعمار بيد الله وحده. وكما في كل الحروب هناك شهداء يحمون الوطن والمواطن بدمائهم، وهذا الشرف كان من نصيبهم أيضا فقد استشهد العديد منهم في تلك الحرب مع العدو غير المرئي، ولكن هنا لا خلاف فقهي أو سياسي بين الناس على مصطلح شهيد أو قتيل، وعلى مكان الاستشهاد، أكان في الساحة المناسبة أم غير المناسبة؟ فأكرم بتلك التضحية وتلك الشهادة!

هنا الكل ينحني اجلالا وتقديرا وتكريما واحتراما لكل خلايا الأزمة والقطاع الصحي، لما يبذلونه من جهود وتضحيات وما يتحملونه من ألم وضغوط صحية ونفسية وعائلية؛ إذ هم يتركون أولادهم من أجل أولادنا ويبتعدون عن أهلهم لسلامة أهلنا، ويحجرون أنفسهم عن الأقارب والأصدقاء والأحباء كي ننعم بأصدقائنا وأحبائنا وأقاربنا.

خلايا الأزمة في كل قرية ومدينة وحي، والقطاع الصحي في المستشفيات والمستوصفات والعيادات من أطباء وممرضين وصيادلة والهلال الأحمر والصليب الأحمر، وكل العاملين في هذا القطاع، كل كلمات الشكر لا تفيكم حقكم، وأنّى لها الوفاء! وأنتم الأمل بعد الله سبحانه وتعالى، وأنتم الرهان، وعليكم يقع مستقبل البشريّة جمعاء. سيروا على بركة الله! ونسأله تعالى أن يبعد عنكم كل مكروه وكل وباء وأن تستمروا بهذا العطاء الخيّر والراقي والمتفاني. وأي أجر وأي تعظيم أكثر تكريما من قوله تعالى في كتابه العزيز: “وَمَنْ أَحْيَاهَا (النفس البشريّة) فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً”؟ وهذا القول ينطبق بدقة على جهادكم المبرور وسعيكم المشكور عند رب الناس والناس أجمعين.

About The Author

Contact