×

شيءٌ من اللغة العربية ح 27 (أسلوب النداء). بقلم أ. د. مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح 27 (أسلوب النداء). بقلم أ. د. مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح 27 (أسلوب النداء).

بقلم أ. د. مديح الصادق… من كندا.

أسلوب النداء: هو طلب الانتباه، أو الإقبال؛ لتهيئة المُنادى لما يقال بعد النداء،

وقد يكون ذلك جملة إنشائية (الأمر أو النهي أو الاستفهام…) أو جملة خبرية.

عناصر النداء: أداة النداء، المُنادى، وما يُراد من النداء.

المُنادى حكمه النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: أُنادي، أو أدعو،

وقد عمل حرف النداء نيابة عنه.

{يا آدَمُ، هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى؟}.

{يا مَرْيَمُ، اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}

{يا أَرْضُ، ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي}.

……………..

“أيا راكبا، إمّا عرَضتَ فبلّغنَ… ندامايَ مِنْ نجرانَ أنْ لا تلاقِيا”.

{يا أُخْتَ هارُونَ، ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ}.

{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ، تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ}.

يا صائغاً الشِعرَ، كُنْ أميناً على لغتِكَ.

…………….

{يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ، ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؟}.

يا هذا الناكرُ فضلَ صديقِهِ، لا خيرَ في ناكرٍ للجميلِ.

…………………..

حروف النداء:

1- الهمزة لنداء القريب، نحو: أزينبُ، ادخلي الفصلَ.

2- (يا، أي، آ، آي، أيا، هَيا): لنداء البعيد، نحو: أيْ صديقَ أخي، لا تتأخرْ عن الدرسِ.

3- (يا): للاستغاثة، نحو: يا لَمحمدٍ لِعليٍّ.

4- (وا)، وأحياناً (يا) للمُتفَجَّع عليه، أو المُتوَجَّع منه (النُدبة): وا عليَّاهْ، وا ضِلعاهْ، يا زيدَاهْ.

أكثر حروف النداء استعمالاً (يا)، وتستعمل للاستغاثة، والنُدبة، ووحدها تُنادى بها كلمة (الله)، و(أيُّ)،

وتُقدّر عند حذف أداة النداء.

………….

أقسام المنادى حسب موقعه من الإعراب:

1- ما يُبنى على ما يُرفع به، في محل نصب: أ- العلم المُفرد. ب- النكرة المقصودة.

2- ما يُعرب بالنصب: أ- النكرة غير المقصودة. ب المضاف. ج- الشبيه بالمضاف.

3- المُعرَّف ب(أل).

……………..

1- ما يُبنى على ما يُرفَع به:

أ‌- العلَم المفرد يُبنى على ما يُرفع به: يُقصد بالعلم المفرد غير المضاف إلى غيره، أي كلمة واحدة،

قد يكون مفرداً، أو مثنى، أو جمعاً، نحو: {قالُوا يا شُعَيْبُ، ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ}.

أيا زيدُ، يا زينباتُ (جمع مؤنث سالم)، أيا زيدانِ (مثنى زيد)، أيا زيدونَ (جمع زيد، جمع مذكر سالم).

(شُعيبُ، زيدُ، زينباتُ) كل منها منادى (علم) مبني على الضم، في محل نصب.

(زيدانِ): منادى علم (مثنى)، مبني على الألف في محل نصب.

(زيدونَ): منادى علم (جمع مذكر سالم) مبني على الواو، في محل نصب.

……….

ب- المنادى النكرة المقصودة (المخصوصة) يُبنى على ما يرفع به.

يُقصد بالنكرة المقصودة النكرة المُحددة، المعلومة لدى المُنادي، نحو:

يا رجلُ، خيرُ الناسِ مَنْ نفعَ الناسَ. عندما تنادي رجلاً بعينه.

رجلُ: منادى مبني على الضم في محل نصب؛ لأنه نكرة مقصودة، يعامل معاملة العلم.

هَيا رجلانِ، افعلا ما به تُنصحانِ.

(رجلان): منادى (مثنى) مبني على الألف، في محل نصب (نكرة مقصودة).

يا رُجيلونَ، اقتدوا بالحكماءِ.

رُجيلونَ: منادى (جمع مذكر سالم) مبني على الواو في محل نصب (نكرة مقصودة).

ومثلها: يا رجالُ، يا طلابُ، يا نساءُ، يا شعراءُ، يا شواعرُ). إذا كانت النكرات مقصودة.

……………………….

ملاحظة: لا يوجد في اللغة العربية بناء على الألف، أو على الواو؛ إلا في أسلوب النداء.

لقد رأى النحاة أن (النكرة المقصودة) تكتسب التعريف في النداء؛ لأنها تُعامل معاملة الاسم العلم.

أجازوا للشاعر تنوين المُنادى العلم أو النكرة المقصودة؛ إن كان الشاعر مضطرّاً:

قال الأحوص الأنصاري في رجل اسمه (مطر) تزوج حبيبته:

“سلامُ اللهِ، يا مطرٌ، عليها… وليسَ عليكَ، يا مطرُ، السلامُ”.

…………

2- المنادى المنصوب:

أ- المنادى النكرة (غير المقصودة) حكمه النصب: يقصد بها غير المُشخَّصة لدى المُنادي،

فعندما تقول: يا رجلاً، احذر أصحابَ السوءِ؛ فإنك لا تعني رجلاً بعينه.

من ذلك بيت استشهد به النحاة لعبد يغوث بن وقاص الحارثي وقد كان أسيراً:

“أيا راكباً، إمّا عرَضتَ فبلّغنَ… ندامايَ مِنْ نجرانَ أنْ لا تلاقِيا”.

(يا راكباً، يا راكبَينِ، يا راكبِينَ، يا طالبةً، يا طالبتَينِ، يا طالباتٍ، يا طلاباً).

………….

ب- المنادى المضاف حكمه النصب:

{قالُوا يا أَبَانَا، ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ؟}.

أبا: منادى منصوب وعلامة نصبه الألف، (من الأسماء الستة)، مضاف، والضمير (نا)

مبني على السكون في محل جرّ، مضاف إليه. لقد نُصب المنادى (أبا) لأنه مضاف.

{يا صاحِبَيِ السِّجْنِ، أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ…؟}.

“يا نائحَ الطلحِ، أشباهٌ عوادينا… نشجَى لواديكَ أمْ تأسَى لوادينا؟”.

……………….

ج- المنادى الشبيه بالمضاف حكمه النصب: المقصود بالشبيه بالمضاف أنه في الأصل (وصف) مضاف،

فصل بينه وما أضيف له ما يمنع الإضافة، ومن فواصل منع الإضافة: التنوين، ونونا التثنية والجمع،

وما يلحق بهما، وغيرها، نحو:

1- يا ناجحاً صديقُهُ، احتفِ بهِ. التنوين منع الإضافة وسوَّغ للوصف (اسم الفاعل) رفع فاعل بعده.

2- يا قارئاً الكتابَ، يا قارئَينِ الكتابَينِ، يا قارئِينَ الكتبَ، يا قارئاتٌ الكتبَ.

ثبوت التنوين في اسم الفاعل المفرد، والمثنى، وجمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم، منعَ الإضافة؛

وسوَّغ لاسم الفاعل نصب مفعول به بعده؛ ففي حال حذف التنوين تصحّ الإضافة، لذا سُمّي (الشبيه بالمضاف).

3- يا محبوباً خلقُها. سوَّغ ثبوت التنوين لاسم المفعول رفع نائب للفاعل، ومنع الإضافة.

4- يا حسَناً عملُهُ: سوَّغ التنوين للصفة المشبهة باسم الفاعل رفع فاعل لها، ومنع الإضافة.

5- يا خمسةً وخمسينَ، حسِّنْ أداءكَ. يُقال لمن يُسمى (خمسة وخمسين).

………….

3- نداء المُعرَّف بالألف واللام، (حكمه الرفع):

لا يجوز الجمع بين حرف النداء والاسم المُعرَّف بالألف واللام؛ إلا في اسم (الله).

تقول: (يا أللهُ، أدرِكْنا). هنا تُكتب الهمزة قطعاً وهي أساساً وصل.

تُحذف أداة النداء ويعوض عنها باللام المشددة،: اللّهمَّ، انصرْ الحقَّ.

لا يجوز الجمع بين (يا) النداء والميم المشددة، وما جاء بذلك فهو شاذ، كما جاء في

بيت أمية بن أبي الصلت:

“إنِّي إذا ما حدَثٌ ألمَّا… أقولُ: يا الّلهُمَّ، يا الّلهُمّا”.

لقد ورد اضطراراً لضرورة الشعر نداء المعرف بالألف واللام بعد (يا) النداء، بدون فاصل:

“فَيَا الغُلَامَان اللذَانِ فَرَّا… إيَّاكُمَا أَن تَكْسِبَانَا شَرًّا”.

أجاز النحاة ان تسبق أداة النداء الكلام المحكي، تقول فيمن اسمه (الرجلُ حاضرٌ):

يا (الرجلُ حاضرٌ)، اهتمْ بنفسِكَ. التقدير (يا مَن اسمُهُ الرجلُ حاضرٌ…).

…………….

يُسبق المنادى المعرف بالألف واللام ب(أيُّ) للمذكر، و(أيَّةُ) للمؤنث، وبعدهما (ها) التنبيه:

{يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ}.{(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ…}. يا أيُّهذا القادمُ، أهلاً بكَ وسهلاً.

أيُّ: اسم منادى، مبني على الضم في محل نصب، و(ها) للتنبيه (على رأي سيبويه)، النفسُ: بدل،

أو نعت، أو عطف بيان، تابع للمنادى، مرفوع لأنه المقصود بالنداء، حسب اتفاق النحاة.

قد يُسبق المنادى المعرف الألف واللام باسم إشارة: أيا أولاءِ الشواعرُ، حافظنَ على لغةِ الضادِ.

…………..

قد يُحذف حرف النداء ويبقى المُنادى على حاله قبل النداء: {يوسفُ، أعرِضْ عَنْ هذا}.

التقدير: يا يوسفُ، أعرِض عن هذا. (صديقتِي، أسعدَنِي لقاؤكِ). التقدير: يا صديقتي…

يكثر حذف حرف النداء في الرسائل والخطب: (سيداتي، سادتي، صديقي العزيز، الأخوةُ الكرامُ…)

التقدير: (يا سيداتي، ويا سادتي، يا صديقي، أيها الأخوةُ)

منع أكثر النحاة حذف حرف النداء مع اسم الإشارة؛ مع وروده في القرآن الكريم:

{ثُمَّ أنْتُمْ، هؤُلَاءِ، تَقْتُلُوْنَ أنْفُسَكُمْ}. التقدير: (يا هؤلاء…).

كما ورد الحذف مع اسم الإشارة في بيت لم يُنسب لشاعر:

” ذَا، ارْعِوَاءً؛ فَلَيسَ بَعْدَ اشْتِعَالِ الرْ… أْسِ شَيبًا إلى الصِّبَا مِنْ سَبِيلِ”. التقدير: (يا ذا…)

لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب، ولا مع المُستغاث.

……………..

يستعمل حرف النداء (يا) للتنبيه إذا تبعه (رُبَّ، أو حبَّذا، أو ليتَ):

قال شاعر:

“يا رُبَّ سارٍ باتَ ما توسَّدا… إلاّ ذِراعَ العَنْسِ أو كفَّ اليدا”.

قال جرير بن عطية:

“يَا حَبَّذَا جَبَـلُ الرَّيَّـانِ مِنْ جَبَـلٍ… وَحَبَّذَا سَاكِنُ الرَّيَّانِ مَنْ كَانَـا”.

{يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً}.

……………..

من استعمالات حرف النداء (يا)؛ للتعجب عندما تتبعه (لام التعجب المفتوحة): قال الفرزدق:

“فَيا لَعِبَادِ الله كَيْفَ تَخَيّلَتْ… لَنَا بَاطلاً لَمّا جَلا اللّيْلَ نائرُهْ!”.

جاء في معلقة امرئ القيس هذا البيت:

“فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ… بِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّتْ بِيَذبُلِ!”.

…………………

نداء المضاف إلى ياء المتكلم:

1- عند نداء مُعتلّ الآخر المضاف إلى ياء المتكلم؛ تُراعى فيه تعليمات إضافة المعتل إلى ياء المتكلم،

كما مر علينا في الحلقة 26، قاضي: يا قاضِيَّ، ليلى: يا ليلايْ، أو يا ليلايَ.

2- في نداء صحيح الآخر المضاف إلى ياء المتكلم خمسة أوجه:

أ- (يا صديقِ)، بحذف ياء المتكلم والإبقاء على الكسرة، وهو الغالب.

ب- (يا صديقيْ)، بإبقاء الياء ساكنة، وهو ما بعد الأول في الاستعمال.

ج- (يا صديقَ)، بقلب الياء ألفاً، وحذفها، والاستغناء عنها بالفتحة.

د- (يا صديقَا)، بقلب الياء ألفاً ساكنة وإبقائها.

ه- (يا صديقيَ)، إبقاء الياء وفتحها.

إذا أضيف المنادى إلى مضاف إلى ياء المتكلم تثبت الياء ولا تحذف: (يا صديقَ أخي).

يُستثنى من ذلك (ابن أمّ، وابن عمَ): يا بنَ أمِّ، يا بنَ أمَّ، يا بنَ عمِّ، يا بنَ عمَّ.

في نداء (أبي، وأمِّي) يقال: يا أبَتِ، يا أمَّتِ. التاء عوض من ياء المتكلم.

………………..

من الأسماء التي لازمت النداء:

1- (يا فُلُ): وتعني يا فُلانُ للذكر، و(يا فُلَةُ) للأنثى.

قد يستعمل (فُلُ) في غير النداء، في الشعر، كما قال أبو النجم العجلي:

” تظلُّ مِنهُ إِبِلي بالهَوجَلِ… في لُجّةٍ أمسِك فُلاناً عَن فُلِ”.

2- (يا لؤمانُ): وتعني عظيم اللؤم.

3- (يا خَبَاثِ، يا فَسَاقِ، يا لَكَاعِ): ذمّ الأنثى وسبِّها، بالبناء على الكسر.

لقد ورد (لَكَاعِ) سبَّاً للأنثى في غير النداء، كما في قول الحطيئة:

“أُطَوِّفَ ما أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي… إِلى بَيتٍ قَعيدَتُهُ لَكَاعِ”.

4- (يا فُسَقُ، يا غُدَرُ، يا لُكَعُ): في سبّ الذكور.

………………..

أتمنى أن أكون قد وُفِّقتُ في عرض المادة بأسلوب مُيسَّر، يتقبله مَن هم بحاجة لها.

نلتقي في الحلقة 27 (الاستغاثة، والنُّدبة، والترخيم).

كندا- كانون الثاني- 2022

About The Author

Contact