×

شيءٌ من اللغة العربية ح 28 (الاستغاثة، والنُدبة، والترخيم). بقلم: الدكتور مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح 28 (الاستغاثة، والنُدبة، والترخيم). بقلم: الدكتور مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح 28 (الاستغاثة، والنُدبة، والترخيم).

بقلم الدكتور مديح الصادق… من كندا.

نظرا لعلاقة هذه المواضيع بأسلوب النداء الذي تناولناه بمحاضرتنا السابقة، الرقم 27 ؛ فقد أفردنا لها

محاضرة منفردة تسهيلاً للموضوع.

الاستغاثة: عناصرها (يا النداء، المُستغاث، المستغاث له)، نحو:

يا لَزيدٍ لِعمرٍو.

سبقت المُستغاث (لام الجر المفتوحة)، وسبقت المُستغاث له (لام الجر المكسورة).

برَّر النحاة فتح (لام المُستغاث) بأن المنادى يقع موقع الضمير، واللام تفتح مع الضمير، كقولك: (لَكَ، لَهُ…).

……………

عند العطف على المُستغاث هناك حالان:

1- (يا لَزيدٍ ويا لَعَمرٍو  لِسعدٍ). تكررت (يا) النداء؛ فتوجب فتح اللام  قبل (عَمرٍو).

2- (يا لَزيدٍ ولِعمرٍو  لِسعدٍ). لم تتكرر(يا) النداء؛ فتوجب كسر اللام قبل (عَمْرٍو)، وكسر لام المُستغاث له.

إذا حذفنا (لام المُستغاث) نعوِّض عنها بألف في آخره: (يا زيدا لِعَمْرٍو).

……………..

ملاحظة: يُعامل المُتعجَّب منه معاملة المُستغاث: (يا لَلشُجاعِ!)، (يا لَلعَجبِ!)،

فقد جُرَّ المُتعجَّب منه ب(لام) مفتوحة كما المُستغاث.

ويمكن القول: (يا عجباً لَزيدٍ). قال امرؤ القيس:

“وَيَوْمَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطيّتِي… فيا عجباً مِنْ كُورِها الْمُتَحَمَّلِ!”.

…………..

النُدبة: المندوب نوعان:

1- المُتفجَّع عليه، نحو: (وا زيداهْ) (وا مُحمَّداهْ). يُستعمل حرف النداء (وا)، أو (يا) أحياناً.

2- المتوَجَّع منه، نحو: (وا رأسَاهْ)، (وا ظهرَاهْ). يُستعمل حرف النداء (وا)، أو (يا) أحياناً.

ملاحظة: لا يُندب إلا المعرفة، ولا يجوز أن تُندب النكرة، أو الاسم المُبهم مثل اسم الإشارة،

ولا الاسم الموصول المقترن بالألف واللام، فلا يجوز القول: (وا صديقاهْ)، ولا (وا هذاهْ)، ولا (وا الَّذياهْ).

يجوز القول: (وا مَنْ فتحَ بيتَ المقدساهْ)؛ هنا الاسم الموصول (مَن) مشهور بصلته.

إذا انتهى المندوب بألف مثل (موسى، ليلى)؛ تُحذف الألف وتُضاف ألف الندبة، ويُفتح ما قبلها:

(وا موسَاهْ)، (وا ليلَاهْ).

ملاحظة: (هاء السكت) تلحق المندوب عند الوقف: (وا زيداهْ).

في نُدبة المضاف إلى ياء المتكلم حالان:

  1. على لغة من يُسكن الياء، (صديقيْ)، تقول: (وا صديقِيَا) بفتح الياء وإلحاقها بألف الندبة،

أو (وا صديقَا) بحذف الياء وإلحاق ألف الندبة.

2- على لغة من يفتح الياء، (صديقيَ)، تقول: (وا صديقيَا)، بإلحاق ألف الندبة، ولا غير ذلك.

…………

الترخيم:

في اللغة ترقيق الصوت، وفي الاصطلاح حذف حرف أو أكثر من أواخر الكلمات في النداء، نحو:

يا زينَ، والأصل (يا زينَبُ). قال ذو الرمة صاحب (ميّة):

“ألَا يا اِسلَمِي يا دارَ مَيَّ عَلى البِلَى… وَلا زالَ مُنهَلّاً بِجَرعائِكِ القَطرُ

لَهَا بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيْرِ وَمَنْطِقٌ … رَخِيْمُ الحَوَاشِي لاَ هُرَاءٌ وَلاَ نَزْرُ”.

قواعد الترخيم:

  1. إذا كان المنادى (اسماً منتهياً بتاء التأنيث، علماً أو غير علم، زائداً على ثلاثة أحرف، أو غير زائد)؛

تحذف منه تاء التأنيث عند الترخيم: زهرَة (يا زهرَ)، جاريَة (يا جاريَ)، شَاة (يا شَا).

من شواهد النحاة بيت لشاعر:

” جارِيَ، لا تَستَنكِري عَذيري… سَعيِي وَإشفاقي عَلى بَعيري”.

(جاريَ): منادى بحرف نداء محذوف أصله (جارية)، قام الشاعر بترخيمه بحذف تاء التانيث،

وأبقى حركة الحرف ما قبل الأخير. قال امرؤ القيس:

“أفـاطِــمَ مَــهْــلاً بَـعْــضَ هَــذَا التَّـدَلُّلِ… وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزمعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي”.

……………………

  • إذا كان المنادى اسماً غير مُنتهٍ بتاء التأنيث؛ ففي ترخيمه ثلاثة شروط، نُجملها بأن يكون:

 (علماً)، (رباعيّاً فأكثر)، (غير مركب تركيب إضافة أو إسناد)، نحو:

(سَلمان: يا سَلَمَ)، (جَعْفَر: يا جَعْفَ)، (دُرَيْد: يا دُرَيْ).

(مَعدِي كَرْب: يا مَعدِي)، يُرخَّم بحذف عجزه لأنه مركب تركيب مزج.

لا يجوز ترخيم (زيد) وإن كان علماً؛ لأنه ثلاثي.

لا يجوز ترخيم (قائم) وإن كان رباعياً؛ لأنه ليس علماً.

لا يجوز ترخيم (عبد شمس) وإن كان علماً غير ثلاثي؛ لأنه مركب تركيب إضافة.

أجاز الكوفيون ذلك إذ استشهدوا بقول شاعر:

“أبا عروَ لا تبعدْ فكلُّ ابنِ حرَّةٍ… سيدعوُهُ داعي ميِتةٍ فيُجيبُ”. أراد (أبا عروَةٍ).

لا يجوز ترخيم من اسمه (شابَ قرناها) لأنه علم مركب تركيب إسناد، وقد

أكّد (سيبويه) ذلك في (باب الترخيم) من كتابه الذي أسماه النحاة (قرآن النحو).

…………….

  • يُحذف مع الحرف الأخير (ما قبله) إذا كان (ليِّناً زائداً، ساكناً، رابعاً فصاعداً)، نحو:

(عُثْمَاْن، مَنْصُوْر، مِسْكِيْن)، فتقول: (يا عُثْمُ، يامَنْصُ، يا مِسْكُ).

………..

  • لا يُحذف مع الحرف الأخير (ما قبله) إذا كان:
  • أ‌-        (لَيِّناً غير زائد)، نحو: (مُخْتَاْر) تقول: يا مُخْتَا. من شواهد سيبويه قول أوس بن حجر:

” تَنَكَّرتِ مِنّا بَعدَ مَعرِفَةٍ لَمِيْ… وَبَعدَ التَصابي وَالشَبابِ المُكَرَّمِ”. بترخيم (لَمِيْس).

من شواهده قول يزيد بن مخرم:

” فقُلتمْ: تَعالَ يا يَزيْ بنَ مُخرِّم… فقلتُ لكُمْ إنّي حَليفُ صُداءِ”. بترخيم (يَزِيْد).

ب- (غير ليِّن)، نحو: (قمَطْر)، تقول: يا قمَطْ؛ بعدم حذف ما قبل الأخير (الطاء).

ج- (غير ساكن)، نحو: (قنَوَّر)، تقول: يا قَنَوَّ؛ بعدم حذف ما قبل الأخير (الواو).

د- (غير رابع)، نحو: (مَجِيْد)، تقول: يا مَجِيْ؛ بعدم حذف ما قبل الأخير (الياء).

…………..

  • عند ترخيم المنادى المنتهي بألف (التأنيث الممدودة)، نحو: (سمْرَاء، حمْرَاء، أسْمَاء) تقول:

(يا سمْرَ، يا حمْرَ، يا مروَ). قال الشاعر:

“يا أسمَ صبْراً على ما نابَ مِنْ حدَثٍ… إنَّ الحوادثَ مَلقِيٌّ ومُنتظَرُ”. أراد (يا أسمَاءُ).

وعند ترخيم الاسم المنتهي بألف (التأنيث المقصورة)، نحو: (ليلَى ، وسلمَى) تقول: (يا ليْلَ ويا سلْمَ)؛

بإبقاء حركة الحرف الأخير، (الفتح)، بعد حذف الألف.

كما تُحذف الألف والنون الزائدتان في مثل (نُعمَان، سَلوَان، سُلطَان، مَروان)، فتقول:

(يا نُعمَ، يا سلوَ، يا سلطَ، يا مروَ). قال الفرزدق يخاطب مروان بن عبد الملك:

“يَا مَرْوَ إِنَّ مطيّتِي مَحْبُوسَةٌ… تَرْجُو الحِبَاءَ وَرَبُّهَا لَمْ يَيْأَسِ”.

…………

في الترخيم لغتان:

  • أن تترك حركة الحرف الباقي كما كانت قبل الحذف، نحو:

(جعفَر: يا جعفَ)، (حارِث: يا حارِ)، (قمَطْر: يا قمَطْ)، فاطمَة: يا فاطمَ).

تسمى تلك لغة من ينوي النطق بالمحذوف.

قال امرؤ القيس: ” أحارِ تَرَى بَرْقًا أُرِيْكَ وَمِيْضَهُ… كَلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ”. أراد (أحارِثُ)

  • بناء الاسم على الضم كما لو كان الحرف الباقي هو الأخير في الكلمة، فتقول:

(يا جَعْفُ، يا حَارُ، يا قمَطُ، يا فاطمُ). تسمى تلك لغة من لا ينتظر النطق بالمحذوف.

……………..

يجوز- للضرورة- حذف أواخر الكلمات في غير النداء؛ على شرط كونها صالحة للنداء؛

 كما في قول امرئ القيس بن حجر الكندي:

” لَنِعمَ الفَتى تَعشو إِلى ضَوءِ نارِهِ… طَريفُ بنُ مالٍ لَيلَةَ الجوعِ وَالخَصرِ”.

المقصود (طريف بن مالكٍ).

ملاحظة: ورد الحذف في الشعر العربي في كلمات لا تصلح للنداء، أو حذف

بعض الضمير، أو بعض الحرف، أو بعض الاسم المقرون ب(أل)، قال لبيد بن ربيعة:

“دَرَسَ المَنا بِمُتالِعٍ فَأَبانِ… وَتَقادَمَت بِالحُبسِ فَالسوبانِ”. أراد (المنازل).

قال النجاشي: “فلسْتُ بآتيهِ ولا أستطيعُهُ… ولاكِ اسْقِني إنْ كانَ ماؤكَ ذا فضلِ”. أراد (لكِن).

………………………

عسى أن أكون قد وفقتُ في عرض الموضوع بأبسط صورة، وأن يُستفاد منه.

نلتقي في الحلقة 29 (إعراب الفعل).

كندا – كانون الثاني 2022.

About The Author

Previous post

كتابة ألم، آمال كتابة، وعوالم تلق رحبة…//قراءة في ديوان “جراح الغربة” للشاعر محمد نعيم بربر /لبنان… بقلم الناقدة زهرة خصخوصي/تونس

Next post

منتدى ثورة قلم، منصة ثقافة إنسانية، غرفة النقد (ح10) عن المجموعة القصصية (رائحة الأمكنة) للكاتبة العراقية الأستاذة ليلى مراني،تقديم الناقدة الدكتورة دريّة فرحات، قراءة الدكتور حمد حاجي والأستاذ منذر غزالي

Contact