×

قراءة : في ثلاثية الدكتور حامد الحاجي” كارنفال “(ق.ق.ج)//بقلم: الأديبة الناقدة سهيلة حماد/تونس

قراءة : في ثلاثية الدكتور حامد الحاجي” كارنفال “(ق.ق.ج)//بقلم: الأديبة الناقدة سهيلة حماد/تونس


قراءة : في ثلاثية الدكتور حامد الحاجي” كارنفال “(ق.ق.ج)

=======
===========
تعقيب عن القراءة من قبل الدكتور حامد الحاجي

رائع .. تحليل سيميائي فائق الدقة .. تأويل الاحالات.. للمتناصات.. اضاءات بينية على حد قول النقاد.. 
=======
===========
المدخل:

كرنفال: عنوان لثلاث قصص قصيرة جدا، للدكتور حامد الحاجي .
قصص قصيرة جدا، حيث تضيق العبارة فاسحة المجال للرؤى ….مصحوبة بصورة سوريالية، قد تؤازر النصوص.. وقد تزيد من الغموض، وتشعب الموضوع وتشتت الفكر بين الاكتفاء بالمرسوم والموصوف بالحروف،أو البحث والتنقيب ما بين السطور والتحليق للبحث في المضمر عن العبر والغاية والمقصود والرمز والترميز والدلالة…والأهم من كل هذا وذاك، هو إيجاد ذاك الخيط الرابط بينها … والبحث عن تلك الشرارة القادحة للانطلاق في التحليل والتأويل ….

تأويل الصورة المرافقة :

الصورة صادمة بل مدهشة …
تذكرني بالجريمة الأولى التي وقعت على الأرض…تذكرني بذك الغراب الذي علم ابن آدم كيف يواري سوأة أخيه ….
وكأني بالإنسانية أصابها مرض الزهايمر فنسيت فعل الدفن …
وقد ضاقت الطيور ضرعا بهذا السلوك فأبت إلا أن تعيد الكرّة … فأرسلت طيرا أمسك بمنقاره، قفى جثة هامدة، مكبوبة على وجهها، في وضعية مكروهة، مستسلمة للطير تجر أذيال الخيبة… بعد أن لفظ هذا الذي كان جسدا وروحا أنفاسه …يكسوه اللّون الرّمادي وكأنه غبار ناتج عن قصف … ليدفنه….
أو ربما يكون تخييل يصوِّر آخر السّلالة … 
وإعلان انقراضها ….

صورة تعلن نهاية الكوجيتو الديكارتي ….
أنا جثة في منقار طائر صغير …. إذا أعلن وجعي وعجزي …
و سلب ثقتي من بني جنسي …
أعلن نهاية أملي …
أعلن عبثية القدر بأهلي و بني وطني …ومشيئة الحكام …واللّهث على الكراسي . ..من دون برنامج …
عبثية أوصلتني …إلى هذا الحال …

(ضربة حظ)…! عنوان المشهد الأول (ق.ق..ج).
للسائل أن يتساءل أي حظ يعني؟؟؟… أيعني الموجود؟…أم المفقود؟ …حظ المولود الموؤود في الوجود بالحضور …أم المفقود المبعثر المنتحر بالخيار …نتيجة سوء التقدير وتفضيل الانسحاب من الميدان… لهثا لتعبئة البطون وتسمين العجول ….لجعلها أكلة شهية لأصحاب القرار في المنابر المنظِّرين للسّلام المُحال …

(جزع ): عنوان المشهد الثاني (ق.ق.ج). 
تحيلنا إلى فزع وأهوال قيامة…. تناحر، تناثر، تبعثر، تراشق بنادق، قنابل، صخب، صراخ، ركض، أشلاء وأحشاء حراك وأحاسيس متضاربة…هيجوج وميجوج وأعور دجال قادر مقتدر على التخفي وراء إيهام بقوى خارقة لاستدراج ضعاف مستضعفين، تابعين مكبلين بوهم البقاء والرخاء … تحيلنا على ثعالب وذئاب وعدم اطمئنان .

تدريبات : عنون المشهد الثالث ( ق.ق.ج)
أي تدريب يقصد؟. :
تدريب رعاع لمسك زمام الأمور، أم تدريب قطيع على مقاومة الذئاب… والانقياد والخضوع وطأطاة الرؤوس، وقبول الموجود، وعدم الخروج، عن السّرب بمتابعة المصير والسير مع الأغنام …

أم تدريب أخيار، جنود أبطال، وحراس لبلاد وأوطان لشعوب من طغاة غزاة أغراب من مرتزقة بلا ذمّة …

من المدرب يا ترى ؟؟؟ …هل هو من الداخل أم من الخارج؟؟؟….
هل هو صديق ؟….أم منافس؟ …أم مستفيد طامع ماكر …مقنع…بعذب الكلام …المزيف؟ ….
وعن آليات التدريب ونوع السّلاح المستعمَل….!!!! :
مدى خطورته …على الآخر مستعمِلا أم مُستهدَفا….على المدى القصير والبعيد …. هل هو مُحدِث لإعاقةٍ للفكر والعقل ، أم لشلّ الحراك …أم فتّاك مبيد …كما يريد المريد ….و أي مريد ؟…نعني؟ ….
من المعني بالجرم والإجرام…؟ تعريف الجُرم ….!

ذاك هو الكوجيتو الديكارتي، الذي تعلمناه في المدارس ….
أنا أفكر فأنا موجود/ أنا أشك فأنا موجود….
ذاك الكوجيتو الذي صار نقطة استفهام في آخر حياة صاحبه …..!!!

المشهد الأول :

الاستهلال الأول : (حربئذ ): حرب حينئذ انتهكت، الزمن، والزمان، وألغته بطلس( حين )، والإبقاء على( زمن ومضة)* ( إذْ) المنطوقة( إذِنْ)، للإرباك على أنغام صفارة الإنذار عند القصف، والرقص بإلقاء فضلات الطاغية بالطائرات المغيرة بالفسفور…. ضاربة عرض الحائط قوانين الحرب الدولية والنواميس، والمنظمات الراعية المدافعة على الطبيعة والحيوان والإنسان على وجه البسيطة…..ناسفة الأطفال وقاضية على النّسل ….مشوهة المحظوظين الناجين من الإبادة……
إذن هي حرب إبادة……..؟؟؟؟!!!! و إعاقة….وتشويه ….وقمع وسلب إرادة……!!!!!! وتلويث محيط ومحيطات ….!!!ا رافقتنا من العنوان إلى القفلة في سرد مؤلم و مشوق كدنا نشتم رائحة شواء لحم الإنسان …

المشهد الثاني 
الاستهلال :
ينبئ باستنفاد جهد ومسغبة ….والقفلة أعلنت زلزال مدينة… الجوهر أكد بعثا من قبور لخونة، بعثروا قبور أحياء، كانوا أمواتا، بُرمِجوا على ملإ البطون، كما جاء في المشهد الأول.. فيما بُرمجوا آخرين مرتزقة ( كقوم هيجوج وميجوج) مفسدين على البحث عن عبوة ناسفة و غاز للتلذذ بالشواء والتنكيل بالعباد ….
اختلط الحابل بالنابل ….من هنا جاء الكرنفال…..

المشهد الثالث :
لم تُسعفهما الحرب بالطّلاق ، في الاستهلال ، فتبادلا الطلق وأُُُسدل السّتار على مسرحية التكالب على الاستيطان….
انتهت الحرب، بموت أرض، واختفاء زرع، وموت مقاومة و قيم، حتى القمل والبراغيث المتبقية تظاهرت في المشهد الثاني… لم يبقى غيره الإلاه الرّبّ انتحر بمسدس معشوقته ولم يجد من يواريه التّراب غير الغراب مات الإلاه الفرعون فرعون هذا الزمان ….. عبث وعبثية ونهاية منتظرة …ذكرتني بحرب الفيتنام وملقي القنبلة على هيروشيما ….

إذن الصورة كانت إعلان موت إلاه..

وانتصار (حرب ) ودوس حين
وبقاء ( إذن) …

وعبث وجود ….أبطال مسرحية بثلاث فصول ولوحة …
وإعلان عدم ….

و صفاّرة إنذار للباقين الظّانين أنهم المحظوظين للاتعاظ وأخذ العبرة قبل فوات الأوان ….

الأسلوب كان على غاية من الإبداع بناءً وتأثيثا …
تكثيفا إيحاءً وترميزا ودلالة ورونقا وإبهارا

المشهدية عالية …

الزمن حربي يعلن انهزامه فيُداس ويباد على أنغام رقصة الموت و صفارات الإنذار وإيقاع تهاطل قِرَب النيران والغازات والمُبيدات …

هي نصوص آسرة ولا شك بعثت على يد رائد مبدع متمكن من تقنيات السرد وفن البلاغة ذو رؤية ثاقبة يعمد إلى الإيحاء والترميز المتشعب الدلالة بحيث أن نفس الشخص قد يقرأ نفس النصوص بقراءات مختلفة حسب حالته النفسية وربما قد يتأثر بالظروف المحيطة به ، بمعنى أن قراءة النصوص مفتوحة على أزمنة وأمكنة وحالات نفسية وجودية وكينونة كونية وفضاءا ت مفتوحة ومغلقة تتأثر وتؤثر….في المتلقي .. إذا هي نصوص فاعلة ومفعول بها متغيرة كالحرباء متلونة متجددة تتشكل في الأمكنة والأزمنة والذوات….
فتتغير القراءات…
نصوص هي عبارة عن سلوك متحضر له آدابه منفتح حداثي صالح لكل زمان …..ومكان ….تدعو القارئ وتحثه إلى التأمل قسرا بطواعية بقصد الدخول في لعبة محاولة مجاورة النصوص للتماهي بها فهي تدعوك لتلحق بها في شموخها وكبريائها في تواضع

تحيتي وتقديري دكتور Hamed Hajji

انتهى

سهيلة بن حسين حرم حماد
سوسة/الزهراء 21/04/2019

About The Author

إرسال التعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Contact