×

قراءة نقديّة بعنوان: تدفّق الصّورة في النّص الشعري (لي في العراقِ حبيبة) للأديب مديح الصّادق بقلم النّاقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد… من تونس

قراءة نقديّة بعنوان: تدفّق الصّورة في النّص الشعري (لي في العراقِ حبيبة) للأديب مديح الصّادق بقلم النّاقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد… من تونس

قراءة نقديّة بعنوان: تدفّق الصّورة في النّص الشعري (لي في العراقِ حبيبة) للأديب مديح الصّادقبقلم النّاقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد… من تونس==============

نصّ على قدر عال من الأناقة و السّموّ، سكب فيه صاحبه من روحه فبات حياة تشتهيها كلّ امرأة ترنو إلى الجمال و العزّ و الكمال، من خلال الإشارة إلى حضارة بابل و إلى الآشوريين و غيرهما، لما للعراق من رمزيّة تاريخيّة، من قبل بدء الحضارة في العالم، و العراق أرض الرّافدين دجلة و حبيبها الفرات، متحضّرة و في العهد العبّاسي كانت أوّل مدينة في العالم إذ كانت تظمّ مليون ساكن و أكثر، سكّانها من كلّ بلاد العالم، فمنها خرجت أوّل ملحمة، و كذالك فنّ المقامة و غيرها من العلوم التي أثرت التّاريخ من القِدم عبر التّراجم والانفتاح على الحضارات بدءا من الرّواية عبر المقامة بانتباه اللاحقين للسّارد العليم إلى فنّ العمارة والطّب والهندسة …في عيدها أهداها شهريار أحلى قلادة رصّعها بأجمل الكلام المختار، كما يختار صانع المجوهرات أحجاره …ليزيّن تاج حبيبته في ليلة عرسهما .. فتزاوج بذلك الإيقاع الخارجي مع الإقاع الدّاخلي، اتّساقا و انسجاما، فتآلفت بذلك دقّات قلب المتلقيّات مع نبض القصيدة، فتسابقن لأخذ صورة معها في رقصة انسجام، تقطع مع كلّ تعجرف شهريار السّابق، لبدء عهد به من الأمل و الحبّ و الصّدق و الإرادة و العزيمة للبناء و التّشييد و بدء عهد جديد، يرجع لنصف المجتمع حقّه في الحياة لتحصل المعادلة، التي أفقدت العرب توازنهم نتيجة النّظرة الدّونية التي ألحقوها بحواء، بؤرة الحياة ونبعها و نهرها الدّافق المتدفّق كدجلة ، نتيجة لذاك السّلوك الجاهليّ الذي لم يتخلّص منه رغم تحرير الإسلام لها منذ ميئات السّنين، فجلب عدم احترام الغرب له ، و تأخّر بفعلته، كما تأخّر مجتمع عربي بأسره، لأنه كان أعرج، أتلف ساقه الثّانية لعدم استعمالها …قصيدة كركح متحرّك يدور… جمع مشاهد من الحاضر والماضي القريب و البعيد واستحضر مع المتلقّي صورا بديعة فجاء الاستهلال”لي فيهِ شطرُ الروحِوتوأمُ نفسي”خبر للعنوان ،”لي في العراق حبيبة”تأتي القفلة مؤكّدة صدق صاحبها مؤكدة مشاعره و إخلاصه لشريكة عمره، فلو أعاد الاختيار لأعاد الاختيار نفسه.”لو خيَّرونِي في الجميلاتِلما كانَ اختياري سوىِحبيبةِ الروحِما بينَ الفراتينِشريكةَ العُمرِ لي…ولي حبيبَة…”في مشهد ثان نرى أحبيته في الهناك في الحاضر”ولي هناكَ صحبٌ أُحبُّهمَوبانتظاري هناك”ِله أيضا في ال”هناكَ في العراقِ لي حبيبةلي نسغٌ هناكَ، دميفديتُها الروحَ وما ملكتْ يديِوبما يفدِي المجانينُ من العشَّاقأفديْها”يبدأ في تصويرها في لوحة شعريّة مخاتلة لم ينهها لسحرها تاركا للمتلقي إبداع إنهاء إكمال الصّورة”الحبيبة…ليستْ ككلِّ النساءِ حبيبتِيو ما هوْ كسحرِ الباقياتِ جمالُها”َيكمل اللّوحة في مشهد مسرحيّ، كمسرحيّة الحكيم، تضعنا في مفترق الحلم و الصّحوة، يأخذنا عبر لغة بسيطة مجازيّة،مشبعة يفيض المعنى منها وتتدفّق الصوّر ، ترفعنا عن الواقع عبر التّخييل فتتشابك مع بعضها البعض لدى المتلقي، فيبتسم تارة، و يأخذ ريشته و يواصل رسم ما كان قد بدأه ….”في صحوتي عينايَ ترنو لهاو في حلمِيأشاطرُها السريرَ حتَّىتفضحَ الشمسُ أسرارَناأُداعبُ الشَعرَ، تلكَ لُعبتِيًأرشفُ الشَهدَ عذباومِن مَبسمِها الدُرَِّوما من أميرةِ النساءسهمِي رأى أنْ يُصيبه”ومن خلال عيني حبيبته يعبر بنا إلى بابل و الماضي البعيد ليستمدّ قوّته و عزّته و أنفته .”بابلَ في عينَيها أرىوفي القامةِ سومرُ لاحَ ليملوكُها”و من ثمّ يأخذنا إلى الأسطورة و عوالمها العجائبية عبر الإيحاء”ذوائِبُ الشَعرِ تحكي لناآشورَ، وما حكتلشهريارَ من قصصٍ؛ شهرزادُوأخبارُها العجيبةو في مشهد آخر و كأنّه يستضيفنا، إلى بيت جدّه الذي شيّده و أهداه إيّاه، حيث الدّفئ و البساطة و الحبّ الذي كان سببا في أصالته و تأصّله و دافعا في حبّ الحياة و موطنه و تاريخه و جذوره الضّاربة في أعماق الحضارة وطنه و موطنه”لي فيهِ بيتٌ عتيقأهداهُ لي جدِّيجدِّي الفقيرُ، الغنيُّالذي شيَّدَ بيتي”الرّؤيا ….الزّمن لديه في القصيدة رؤيا، لتنظير حاضر باعتباره زمن واقع بين نقطتي ماض و مستقبل داخل دائرة الدّيمومة و الكينونة اللإنسانية، لذلك نراه عمد تقطيعه ليغدو استردادا و استرجاعا متعمدا سياسة الإيحاء و إيهام المتلقّي بصدقه فيستلهم من أعماق الماضي أنفاسه ليستنشقها … و لتصير الأنا بذلك مرآة كل مغترب عن العراق في ظاهرها و لكنها في الحقيقة تعكس مدى الفقد الذي يحسّه المغترب خارج وطنه عبر استعمال لغة متقنة، فصيحة بليغة تثبت مدى مقدرة الشاعر الدكتور في تهيئة أرضيّة الفكرة مستعينا بأدواته لبناء القصيدة على طريقة شكل مقاطع كل مقطع يدعم العتبات مفتاح القصيدة تنطلق من فرضيّة مضمرة زئبقيّة مخاتلة نستشفها عن طريق الصّمت والنّقاط المتتالية أنّ الواقع مرير وناقص و على مشارف نكبة وأنّه بالإمكان رفع الأذى عن المرأة وعن العراق والأوطان بالإرادة سهيلةبن حسين حرم حماد سوسة / تونس 08/03/2020======================

النصّ:لي في العراق حبيبة… (نصّ شعري، مبارك عيد المرأة العالمي)مديح الصادق لي فيهِ شطرُ الروحِ وتوأمُ نفسيلي فيهِ بيتٌ عتيقٌأهداهُ لي جدِّيجدِّي الفقيرُ، الغنيُّالذي شيَّدَ بيتيولي هناكَ صحبٌ أُحبُّهمَوبانتظاري هناكالحبيبة…ليستْ ككلِّ النساءِ حبيبتِيوما هوْ كسحرِ الباقياتِ جمالُهابابلَ في عينَيها أرىوفي القامةِ سومرُ لاحَ ليملوكُهاذوائِبُ الشَعرِ تحكي لناآشورَ، وما حكتلشهريارَ من قصصٍ؛ شهرزادُوأخبارُها العجيبةهناكَ في العراقِ لي حبيبةلي نسغٌ هناكَ، دميفديتُها الروحَ وما ملكتْ يديِوبما يفدِي المجانينُ من العشَّاقأفديْهافي صحوتي عينايَ ترنو لهاوفي حلمِيأشاطرُها السريرَ حتَّىتفضحَ الشمسُ أسرارَناأُداعبُ الشَعرَ، تلكَ لُعبتِيًأرشفُ الشَهدَ عذباومِن مَبسمِها الدُرَِّوما من أميرةِ النساءسهمِي رأى أنْ يُصيبهلو خيَّرونِي في الجميلاتِلما كانَ اختياري سوىِحبيبةِ الروحِما بينَ الفراتينِشريكةَ العُمرِ لي…ولي حبيبَة…====================

تعقيب الدكتور مديح هذا نصّه:(جزيل الشكر والامتنان للزميلة الأديبة الناقدة، سهيلة حماد من تونس الحبيبة؛ لكرم اهتمامها، وعمق قراءتها لنصنا الشعري (لي في العراق حبيبة) حيثت تناولت بقراءتها المحاور الأساسية في صنعة الناقد، الأفكار، الأسلوب، الاستهلال، الخاتمة، المفردات، والعبارات ودلالاتها البلاغية، ما يعكس موضوعيتها التي هي عماد الناقد في مهمته، دمتِ لنا زميلة وصديقة من درسك نستفيد.)=====================

أما الدكتور مختار أمين فكان تعقيبه الآتي :”مبدعان.. قد شرفت بقراءة هذه القصيدة، وأنا أقوم بطبع كتابك الأول من خلال دار المختار للنشر والتوزيع، المعنون بنفس اسم القصيدة(لي في العراق حبيبة) وكنت في غاية المتعة وأنا أقرأها مع أخواتها من القصائد التي اشتملت الديوان. فاكتشفت فيها موهبتك الشعرية إلى جانب موهبتك القصصية مع الكثير من مواهبك العديدة.أما موهبتنا النقدية الأستاذة سهيلة، فهي من النقاد البارعين، وستشرق شمسها الإبداعية على الشرق والغرب بإذن الله ، وأنا من أشد المتحمسين لجهدها النقدي، فكل التحايا لكما شمس وقمر يمهدان للحياة الثقافيةSouheila Hammed سيري وتقدمي وعندما تصلين لأعلى “المراتب لا تنسينا بالدعاء================

تعقيب الدكتورحمد الحاجي من تونسالأستاذة Souheila Hammed.. لن أقول كما قال دكتورنا أستاذنا الناقد الأدبي Moktar Amin عندما تصلين لأعلى المراتب لا تنسينا من الدعاء..وإنما أقول لقد وصلت فزيدينا دعاء على الدعاء..ونكون لك من الشاكرين ذلك أن الشكر أعلى مراتب العطاء..بقول الله تعالى (لئن شكرتم لأزيدنكم).. وعطاؤك النقدي سيدتي .. مبهر فالانفتاح الشعري على الأجناس الأدبية ( كالمسرح والفنون الركحيّة والموسيقى )مرّ بقراءتك إلى الانفتاح على الأنواع فالجنس الأدبي محدد رواية قصة سيرة أما الأنواع فهي ذلك مضاف إليها الفنون الأخرى قاطبة .كالرّسم والتّصوير والفوتوغرافيا و فن اللّوحة التّشكيلية .. كفن الدراما والأسطورة والملحمة ..وأضيف فن المقالة .. وسأركِّز تحت يافطة نقد الانقد مجالا رأيتك حللت به أنه الانفتاح الشّعري على السينما .. فما قدمت من تحليل.. يفك شفرة تعالق الشعري بالسينمائي..ذكرت:1- المونتاج/ بالمستهل تقدمة ترابطية بين مقاطع القصيد(بلغة السينما نسميها الكادر ) وربطتها بالملاحم بدءا بأواصر تاريخ بابل وآشور ثم العهد العباسي ثم ملاحم المتأخرين ..إن العنوان هو الأفيش والترابط هو الكادر 2- المونتاج..رأيت أن القصيد فيه استرجاع وتبئير ومنه يتطلب تلصيقا للاحق مع سابقه .. ومنه تقنية المونتاج الأخرى التقطيع ..(تزاوج الإيقاع…. اتساقا وانسجاما) أو أيضا قولك (تقطع من كل تعجرف شهريار السابق)ثالثا زواية النظر حركة الصورة بالكاميرا ..لقد أوردت بالتحليل الانتباه إلى الصورة المشهدية أن الصورة تلتقط من كاميرا دوارة تجمع /تلتقط مشاهد الحاضر (قصيدة كركح متحرك يدور)..رابعا التبئير أو بلغة السينما ( حركة الزومات) إن معنى التبئير أن يرافق المتكلم بالقصيد متلقيه حضورا أو مرافقة أو غيابا..تقولين (تتدفق الصور ترفعناعن الواقع عبر التخييل فتتشابك بذهن المتلقي يأخذ ريشته ويواصل رسم ما كان ..) اي يملا المتلقي الفراغات كان يشارك الشاعر قصيده امتلاء وإفراغا وهذا معنى الزّومات تقريبا وإبعادا ..شكرا لبهائك. ===============

شهادات أفخر بها من دون شك من لدن ثلاث فرسان في السرد و الشعر والنقد ولكنها تربكني و تزيدني تواضعا وعملا آمل أن أكون عند حسن ظنكم بي جميعا…ربي يحميكم ويحفظكم أيقونات هذا الزمان لتستنير من علمكم الحضارة العربية …أشكركم جميعا مودتي وتقديري لكم موصول بكل من كنت له مدينة بحرف من دون أن أنس أمي وأبي وأساتذتي الذين درّسوني ….

الدكتور مديح صادق

About The Author

Contact