×

هَوَاجِسُ //الشاعر محمد نعيم بربر// لبنان

هَوَاجِسُ //الشاعر محمد نعيم بربر// لبنان

هَوَاجِسُ

 ( من بحر الطويل) 

 الشاعرمحمد نعيم بربر

رَجَعْتُ إلى لُبْنَانَ ،  أسْتَلْهِمُ   الْعُلا

وَأسْتَحْضِرُ التَّاريخَ ، مجْدًا وسُؤْددَا

وعُدْتُ إلى الأحْبَابِ مِنْ بَعْدِ غُرْبَةٍ

أُرَفْرِفُ عَنْ بُعْدٍ ، أمُدُّ  لَهُمْ   يَــــدَا

كأنِّيَ طَيْرُ الْحُبِّ قدْ هَامَ فَاعْتلـــــى

يُقَبِّلُ وَجْهَ الشَّمْسِ شَوْقـــــًـا مُغَرِّدَا

أطُوْفُ كمَا الْعِقبَانُ في سُدَّة الذُّرَى

تَسُودُ لهَا الدُّنْيَا ، وتَرْتاحُ في الْمَدَى

أُسَرِّحُ في الآفَاقِ مَا أغْمَضَ الْكَرَى

على عَيْـنِ مَلْهُوْفٍ تَضَلَّلَ واهْتَــدَى

أُلَمْلِمُ مِنْ  قَطْـرِ الْغَمَــــامِ نُعَاسَـــهُ

أُكَحِّلُ جَفْنَ الشَّمْسِ بِالْورْدِ والنَّدَى

كأنِّــي على هَمْسِ الْجُفُونِ يَلُفُّنِـــي

وَشِيْجٌ مِنَ النَّجْوَى على الأُفْقِ قدْ بَدَا

أقُوْلُ وقدْ أَعْيَــــا الْفُؤَادَ جُمُوحُــــــهُ

وبَدَّلَ بالتَّذْكَــــارِ ، للْعُمْــرِ مَوْعِــــدَا

أخَافُ إذا طَالَ النَّوى أَنْ يُضِيْعَنِـــي

وأَخْشَى إذا شَاخَ الْهَوَى غَضْبَةَ الرَّدَى

فَيَرْتَدُّ عَنْ بُعْــــــــدٍ مِنَ اللَّيلِ جُنْحُـــهُ

تُهَدْهِدُهُ الرُّؤيَا ، ويَغْشَى على الْعِدَى

أقُولُ وقَدْ أدْمَـــــى العِتَــــابُ مَقُوْلَتِي

وفَتَّقَ مِنْ لوْنِ الْجِرَاحَـــاتِ عَسْجَــدَا

أيُمْكِنُ بَعْدَ الْيَــــــومِ أنْ يَسْكُنَ الذُّرَى

عُقَابٌ عَلا الأفْـــلاكَ واحْتلَّ فَرْقَدَا؟!

تَجَرَّدَ أنْ يَسْـــرِي على لَيْلِ جَفْنِــــهِ                             

وَقَدْ أشْعَلَ الْهِجْرانُ في الْقَلْبِ مَوْقِدَا

أقُوْلُ وقَدْ عَزَّ الْفِرَاقُ ، وهَاجَنِــــــي

رَفِيْفُ حَمَــــامٍ هَــــامَ أوْ بُلْبُلٌ شَـــدَا

أيَرْجِعُ مُشْتَاقٌ إلى الأرْضِ والْهَوَى

كمَا كَانَ بالأمْسِ الْبَعِيــــدِ مُجَدَّدَا ؟!

يَلُفُّ جَنَاحَيْــــــــهِ الْحَنيْنُ إلى الصِّبَا

ويَحْضُنُ دِفْءُ الْحُب ِّ أحْلامَــهُ غَدَا

يُلَوِّنُ ظــــلُّ الشَّمسِ فَوْقَ رِمَالِــــهِ

على شَاطِىءِ النِّسْيَانِ ، جِسْمًا مُمَدَّدَا

تَسُفُّ بِهِ الأرْيَــاحُ حِيْنًا على الثَّرَى

وحِيْنًا على الأنْوَاءِ ، مَوْجًا مُعَرْبِدَا

يَتِيْهُ على الشُّطْآنِ عُرْيـًــا مُمَزَّقـًــا

يَضِيْعُ كَمَا ضَاعَتْ ويَغْفُــــو مُسَهَّدَا

أقُوْلُ على ظَنٍّ وقَدْ خَــــــابَ سَائِلِي

وحَـــــارَ جَوَابـًـــا عَنْ سُؤَالٍ تَرَدَّدَا

أيُمْكِنُ أنْ يَمْضِي إلى غُرْبَــــةٍ غَدًا

غَرِيْبٌ على الْبَلْوَى اكْتَوَى فَتَجَلَّدَا؟!

تُمَزِّقُهُ في الصَّمْتِ نَجْوَى حَنِيْنِــــهِ

على هَاجِسِ النِّسْيَانِ ، مَوْتاً ومَوْلِـــدَا

تُعَشِّشُ فيْه مِثلَ مَا كَانَ غُرْبَـــــــةٌ

فَيَسْكُنُ بَيْنَ الأهْلِ ، سِجْنــًــــا مُؤَبَّدَا

تَشُدُّ جَنَاحَيْــــــهِ الْقُيُودُ على اللَّظَـــى

كمَـــا كَـــــانَ مَغْلُـــولَ الْفُؤَادِ مُقَيَّدَا

تُحِيْــــلُ لَهُ هَمَّ الْحَيَــــــاةِ ، هَوَاجِسًا

فَيَفْرِشُ للشَّكْوَى سَرِيْــــــرًا وَمَرْقَدَا

يُفَتِّشُ فيْهــا عَنْ بَقَايَـــــا سَكِيْنَـــــةٍ

يَهِيْمُ على وَجْهِ الْحَيَـــــــــاةِ مُشَرَّدَا

ويَبْحَثُ فيْها عَنْ خَفَايَــــــا ظُنُوْنِــهِ

يُجَدِّدُ مَا أَبْلَى الزَّمَــــانُ ، كمَا ابْتَدَا

كأنَّ إلى جَمْـــــــــرِ الْبُعَـــادِ تُعِيْدُهُ

بَقَايَـــــــا لُهَـــــاثٍ مِنْ رَمَادٍ تَبَدَّدَا

فَيَنْفَضُّ مِنْ تَحْتِ الرَّمَــــــادِ كَأنَّهُ

كَمِــــيٌّ مِنَ الْمَاضِي ، هَوَى فَتَمَـرَّدَا

يَمُـــــرُّ على خَطِّ الرَّدَى مِثْلَ صَارِمٍ

تُنَــازِعُهُ  الأهْوَالُ ، فيْمـــــا تَغَمَّــــدَا

يُصَدِّعُ وَجْهَ الأرْضِ سُخْطًا على النَّوَى

عَنِيْداً على الدُّنْيَـــــا ، جَسُوْرًا إذا عَدَا

يُعِيْدُ زَمَــانَ الْوَصْلِ مِثْلَ سَحَابَــــــةٍ

تَشُقُّ عَبِيْرَ الأرْضِ غَيْمـــًا مُلَبَّـــــــدَا

ويُفْرِجُ عَنْ سِـــــرٍّ دَفِيْنٍ بِقَلْبِـــــــــــهِ

يُجَلْجِلُ كالْبُرْكَـــانِ في هَدْأةِ الصَّدَى

تَفَرَّدَ أنْ يَلْقَـــــى الْحَيَـــــــــاةَ مُغَامِرًا

فَهَلْ يَلْتَقِيْــــــــهِ الْمَوْتُ فيْمَـــا تَفَرَّدَا؟!

About The Author

Previous post

تغريدات نخلة وبمشاركة الأساتذة : عبد الجبار فياض/ عبد السادة البصري/ زينب الحسيني/ ابتهال معراوي/ / د. مديح الصادق./ د. وليد جاسم الزبيدي. تسيير: أ. عتيقة هاشمي(المغرب). تقيم أمسية ذكرى للشاعر الكبير بدر شاكر السيّاب

Next post

مشاركة الشاعرة ديانا أبو حمزة الشامي بمناسبة إحياء ذكرى وفاة الشاعر العراقي الكبير (بدر شاكر السّيّاب).

Contact