×

قراءة بقلم: الناقدة الأديبة سهيلة حماد في قصيدة “ظنّوا أنني ثائر” من ديوان ” آدون الشاعر المغترب” للشاعر ناصر زين الدين

أولاً القصيدة “ظنّوا أنني ثائر”

ظنّوا أنني ثائرٌ…
*******
سألتقطُ بعضَ الحروفِ…
وأهاجرُ…
وأضعُ على هويتي….
صفةَ نازحٍ…
سأرفعُ علمي الابيضَ…
لكني…
لا أستطيعَ أن أغسلَ عنهُ دمائي…
فظنّوا أنني ثائرٌ…
*******
سألتقطُ بعضَ الحروفِ…
المسروقةِ منْ لُغتي…
وأرتدي…
ثوبي الأبيضَ…
الملطخَ بدمي…
فطنّوا أنني ثائرٌ…
*********
سألتقطُ بعضَ الحروفِ…
من لغتي…
منْ أمي…
منْ أبي الشهيدِ…
ثمَّ أضعُ على هويتي…
صفةَ نازحٍ…
بعد أنْ أسرقَ…
قليلاً منْ ترابي…
لكنَّهم ظنُّوا انَّني ثائرٌ…
***********
سأَسرقُ… بعضَ الحروفِ…
منْ لُغتي…
وأخبِّئُها…
في جُرحي…
وجسدي النازفِ…
وأسبحُ أرضاً…
خارجَ الحدودِ…
هارباً…
من هويةٍ عربيةٍ…
لأصبحَ نازحاً…
لكنّهم… ظنّوا أنني ثائرٌ…
******
سألتقطُ بعضَ الحروفِ…
منْ لغتي…
منْ أمّي وأبي…
عربيٌّ…
ودمائي جفَّتْ…
ألتقطُ الخبزَ…
من الترابِ…
وأبحثُ عن بضعةِ حروفٍ…
توسختْ بترابِهم…
لكنَّ…
هويتي تمزقتْ…
كيف لي أنْ أهاجرَ؟؟؟
******
سألتقطُ بقايا منْ جسدي…
وأغرقُ في الأرضِ…
أصبحتُ شهيداً…
بعدما ظنُّوا أنني ثائرٌ…
*****************
هويتي تمزَّقتْ…
حروفي سرقتْ…
وديانتي…
أَلبسوها وجهاً مستعاراً…
وإنْ كنت ُ ثائراً…
أصبحتْ ثورتي…
شاهدَ قبري…
وأصبحتُ شهيداً…
دونما أدري…
ومازالوا… يظنُّون أنني ثائرٌ…
***************
بقلم الشاعر ناصر زين الدين

ترجمة القصيدة للإنكليزية من قبل الدكتور رفيق عزبة

They got me a rebel
———————
I’ll pick up some letters
And migrate
And make my ID
As a refuge

I’ll raise my white flag
But l am unable to wash out my blood
So, they got me as a rebel
……………
I’ll pick up some letters
Stolen from my language
And dress my white suit
Stained with blood
But, they got me as a rebel
————
I’ll pick up some letters
From my language
From my mother
From my martyr father
Get a refuge’s identity
After stealing some soil
But they thought I am a rebel
———
I’ll steal some letters
From my language
And hide them in my wound
In my bleeding body
And crawl out of boarders
A runaway from my Arabian identity
To become a refuge
But they got me as a rebel
——–
I’ll pick up some letters
From my language
From my father and mother
An Arabian whose blood dried up
Picking bread up from the ground
Looking for some letters
Spoiled by their dirty soil
But, my identity has been torn out
And how can I migrate???
——-
I’ll pick up the remnants of my body
And sink deep down under ground
I turned to be a martyr
Since they got me as a rebel
——-
My identity has been torn out
My letters have been stolen
And my religion
Has been dressed a borrowed face
Even if I were a rebel
My rebellion turned to be
My monument
And they ‘re still thinking
That I am a rebel
*************
Dr. Nasser Zeineddine
*************
Translated Dr-Rafic Azba

نص قراءة القصيدة بقلم الناقدة الأديبة الاستاذة سهيلة حماد

وتتواصل قراءاتي في ديوان آدون الشاعر المغترب لأكتشف هذه المرة قصيدة :

“ظنوا أنني ثائر “

التي ألقاها، ناظمها الدكتور ناصر زين الدين ، في مهرجان” يوم التراث العربي “:

” في جامعة York university

في Toronto Canada”

وقد حرص على أن يكون الإلقاء في لغتين العربية والإنجليزية.

عملية الترجمة قام بها الدكتور رفيق عزبة، وألقتها ابنة الدكتور زين الدين، لاستدراج الحضور واستقطاب انتباهم..و يبدو أنه حرص على أن يقدم العمل مترجماً ليضمن جودته من حيث التدقيق والتحقيق و حسن اختيار اللفظ …. وتجنب الترجمة الفورية تفاديا لرداءة الإلقاء وربما سوء التعبير والتأويل.

لتحافظ القصيدة على شحنتها إبداعا وإلقاء.ً… و على نبضها و روحها العربية، بغية لفت انتباه الغرب إلى ضرورة مجابهة اللّامبالاة الدولية، أمام هذا الوضع المتردي، لتتحقق المقاصد التي من أجلها، تحركت مشاعر الشاعر زين الدين، وتولدت القصيدة ، للتعريف بحقيقة المهجّر المغتصَب الأرض والوطن، و الهوية والملاحق بتهمة الثائِر الإرهابي … نافين بذلك التهمة عن المغتصِب المستعمِر الحقيقي ليصير المنقِذ “باتمان”batman, أو” زورو”zoro المخلِّص ويتولى المغتصَب لباس تهمة جُبة الإرهاب زورا وتزويراً …

عله وأقصد الشاعر، بتغيير نموذج الخطاب والتقديم ، و واعتماد التكثيف، والتكرار الدوري .. واللّباقة في استعراض الموضوع، يستطيع أن ينفذ إلى العالم لتوضيح الأزمة الحقيقية لتتجلى الصورة وينزاح الالتباس ….

إيمانا منه بإمكانية قدح شرارة ثورة قلم ، و معجزة تحدث، فيتبنى القضية أصحاب أقلام فاعلة، كتلك التي حدثت في أواخر الخمسينات والستينات، حيث حصلت عدة بلدان على استقلالها، والتي قادها فلاسفة ومفكرون …..كسارتر وسيمون دي بوافر وغيرهم ….كثيرون ..

أبناء شبّوا على الهزيمة، وتجرعوا كأس المرارة، المحلاة بالنّذالة، والوقاحة، والخوف من التطلّع إلى المرآة ، مخافة النّظر إلى العمامات واللّحي المسدلة التي جلبت عدم الاحترام للطّربوش، وللتّراث، بسبب جرائم اقترفوها بإمالآت قادمة من مرافئ هناك … مرافئ الترصّد بالبلاد التي تكتم صرخة أقلام الأحرار، و أصوات الشرفاء.. لتنشر الإشاعات وتوصّف الجرائم المقترفة..

بالبشاعة.. وتهوّل الأحداث، للإيحاء، و لجلب الأنظار لاستدراج العالم، بقصد الدّخول في لعبة التصدّي للعربي، وامتصاص دمه، وتضييق الخناق عليه حيث ما حلّ، لتقزيمه وتجويعه، ليسهل إخضاعه لمساوماته و استبعاده لاستنزاف طاقاته، ليسهل عليه جرّه من عنقه. لكي يسُوسه ويقوده بدون مقاومة….

تذكرني الحكاية ببريطانيا العظمى، التي نسجت عظمتها لإ يهام الهند الشاسعة والخصبة بأبنائها، بأنهم أقزام وأن المستعمِر أعظم وأضخم عددا وعُدة إلى أن حلّ بينهم غاندي الذي أنار العقول والبصائر على حقائق ولا شك تعرفونها… وانتصر للحق …و إعلائه بأبنائه وما كان ليكون، لو لم يقاوم الجهل بالمعرفة والتّعريف بالقضية….في سائر أنظار العالم…..

العتبات :

العنوان :ظنوا أنني ثائر/متّهم بمجرد الظّن ….

الاستهلال:

سألتقط بعض الحروف…

وأهاجر …

وأضع على هويتي صفة نازح …

سأرفع علمي الأبيض…

لكني…

لا أستطيع أن أغسل عنه دمائي…

فظنوا أنني ثائر…

الصورة قاتمة : ” paradoxe”

علم سلام أبيض، ملطخ بدم وشم عار على الإنسانية، واستسلام مواطن عربي، اجترحوه من أرضه عنوة، وأرغموه على الهروب مخافة هلاك محدق، لم يتمكن من أخذ كامل ذاكرته معه بل اكتفى ببعضها ….

القفلة :

“هويتي تمزقت…حروفي سرقت….

وديانتي …

البسوها وجها مستعارا…

وإن كنت ثائرا..

أصبحت ثورتي …

شاهد عبقري…

دونما أدري..

وما زالوا …يظنون أنني ثائر..”

تأتي القفلة لتؤكد ظنهم، أنني ثائر،

ضمير المتكلم( أنا )، إذا الشاعر غير محايد، بل بالعكس كأنه يخبرنا بتقرير، بنتيجة، بحكم، مفاده أنه، بالرغم من أنهم سلبوه حريته، وسرقوا تاريخه وشوهوا ديانته واستبدلوه بممسوخ وإن كنت ثائرا ومستسلما بالنسبة إليهم فالحذر مني واجب. لذلك أصدروا علي حكما قاسيا، دونما أدري، ولا زالوا يصرون فصرت محكوما بسوء الظن …

الموضوع:

التعريف بقضية صارت مهزلة …..

وتفكه… وتنذر الغرب… نتيجة انقياد بعضهم لتعويم القضية، من أجل نيل بعض الدراهم، مقابل خيانة موصوفة على شعار، من أجل إعلاء كلمة حق، أريد بها باطل. فأزهقت رؤوس بفؤوس وهراوات بفيروس بني عمومة ونيران صديقة وهجِّر شعب عنوة واتهم باطلا أنه ثائر وإن كان خاضعا … ذنبه أنه وُلد عربي …

يظنون أنني ثائر: لأنهم يعلمون أنهم :

من غدر بأهلي بأمّي وأبي .

لا يطمئنون لي، بالرغم من ثوبهي الأبيض، الذي قد يرمز إلى راية السلم… ويظنوه كفني المستسلم ليثأر لأهلي، وعشيرتي، لأنه ملطخ بالدّم ….

من أين يأتي السِّلم والسّلام، وهم من أراقوا دمي ودكّوا بلادي… بالقنااااابل…. لذلك لا يروني إلا في ثووووب المنننتقم …

خافوا من لملمة جروحي، حتى لا يتعافى بدني…. ويلتهِم من هجَّرّه وأحرَق موطِنه.. لذلك تخيّلوا … وأصرُّوا… أنني ثائر……

يحكمون علي بالموت، نسفوا جسدي…..

سألتقط بقايا من جسدي….

وأغرق في الأرض…. فحق علي القول أني الشهيد……

“بعدما ظنوا أنّني ثائر”…..

ضاع الوطن، وماع الرجال والقضية ، وجاعت الشعوب….

حصدو ا الرؤوس، ونشفت العروق، وجفت الحياة، وفقدت الطعم، والمذاق….

استكثروا :علي التعبير ببعض المفردات….من حروفي …

استكثروا علي البعضَ من ذكرياتي … أخبئها في جروحي….لأسكن إليها في غربتي، علّها تؤنس وححدتي…وأخبئها من السرقة…

تهمتي …أنني وُلدت عربي… فهربتُ من عروبتي التي صارت …. عقوبتي ….

حتى هذه غير كافية، رغم أني فقدت الحلم و الأهل والأمل والسلالة …

حتى التّراب والكفن استكثروهما علي….

الأسلوب:

طريف شيق، اعتمد التكرار لبعض الصور من أجل ترسيخها، وتثبيتها، في ذهن المتلقي وتوتيره ليسكنه المشهد، ليتاثر ليتحمل رسالة الأمل في الخلاص….والبحث عن حل رفع التهمة والبلية على المواطن العربي المهجّر إلى الأبد….

اللغة بسيطة، ذات فكرة عميقة، بليغة، و حمّالة لرموز …

“بعض نماذج للتكرار ” التي جاءت تحمل دلالات ورموز ..:

“ظنوا أنني ثائر ..”

“.لكنهم ظنوا أنني ثائر ..”

“سألتقط بعض الحروف..”

“هويتي تمزقت”

هذا إلى جانب تكرار بعض المفردات الرموز حمّالة للتأويل …

كنازح/ ومهاجر/شهيدا/دمي /تراب(ي)(هم)……

صوَّرت القصيدة الممارسات البشعة،التي أَهدرت كرامة المهجر العربي و إنسانيته، لذلك استعمل هذا الأسلوب الجميل المشحون بالرموز، والتكثيف مع سخرية مخفية بين السّطور، مبطنة وراء الهمّ، مستترة بالألم الكبير، ومعاناة العربي، الذي انتزع منه لقب إنسان أوحتى مواطن……

نراه استعمل النواسخ الفعلية (كان وأصبح ) للدّلالة على فعل الكون في الماضي والمضارع …

ونراه أيضا استعمل (إن وأن) لتأكيد الأفكار وتأتي كلها متبناة من المتكلم الشاعر الواعي بقضيته….

وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر الدكتور Dr-Nasser Zeineddine على هذه القصيدة الجميلة الباهرة والأنيقة بحسن إعدادها وترتيبها وتوضيبها ….

جميل اعتلاء منبر بهذ الحجم بهكذا قصيدة في لغتين لإيصال صرخة ألم حقيقية بترجمة أصاحاب الألم لا بواسطة ناقل خبر…   

About The Author

إرسال التعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Contact