×

(سحر الذاكرة وأسرار الذات) قراءة نقدية في المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف، بقلم الناقدة زهرة خصخوصي من تونس

(سحر الذاكرة وأسرار الذات) قراءة نقدية في المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف، بقلم الناقدة زهرة خصخوصي من تونس

سحر الذاكرة وأسرار الذات قراءة نقدية في المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة منيرة الحاج يوسف، بقلم الناقدة زهرة خصخوصي

يتعالق في هذه المجموعة الشعرية التناص والإيقاع، مشكلين سمة بارزة من سمات الرؤية الشعرية التي ترسمها الشاعرة منيرة الحاج يوسف، خالقين ترافقا بينهما حد التماهي.

1- سحر الذاكرة:

للذاكرة الشعرية حضورها الجلي في قصائد (خلجات) تناصّاً مع روافد شعرية مختلفة أحقابها، فهي حيناً فخريات أبي الطيب المتنبي، قصيدة (هذه أنا)، مثلاً، وهي حيناً آخر نرجسية نزار قباني في العشق، مثلا قصيدة (أنا منك وفيك):

“لا أحد يتجرأ

 على اقتحامك واحتلالك                       مثلما أفعل”

وهي غنائيات الشاعر التونسي الصغير أولاد أحمد، مثلاً  قصيدة (نساء وألف) المتغنية بنساء الموطن، جربة، كما تغنى شاعرنا بنساء الوطن تونس، وقصيدة (قرابين السلطة) الصادحة بعشق الوطن رغم مجامر العيش فيه، وهي الذاكرة الرومنطيقية المتصلة بأبي القاسم الشابي، تهدل في القصيد بالشعب وإرادة الحياة، مثلاً قصيدة (قبل الأوان).

الباحث في هذه المجموعة الشعرية يستجلي الكثير من مواضع التناص الكاشفة عن ذاكرة شعرية ثرية استثمرتها قريحة الشاعرة في دفقها الإبداعي.

2- أسرار الذات:

نلفيها تتكشف عبر فنون الإيقاع ولعبة الضمائر؛ إذ تتنوع آليات الإيقاع في (خلجات) لترسم مرايا انفعالات الشاعرة واختلاجاتها.

1- القصيد الرقيم: تشكل الشاعرة منيرة الحاج يوسف الفضاء البصري في كل قصائدها تشكيلاً هندسياً يجافي الامتداد المألوف للسواد على وجه البياض، الذي يتخذ له منطلقاً يمين الصفحة ثم يمتد وينحسر كما يشاء له الإلهام الشعري آن الكتابة.

قصائد (خلجات) تتموضع وسط الصفحة، منذ السطر الأول، لتشرع في تشكيل وشوم هندسية كتلك الوشوم الأمازيغية التي توشح وجوه نساء وسط تونس وجنوبها، أشكالا تماثل الأشجار نخيلاً وصنوبراً وزيتوناً، وتماثل القباب، والقلاع، و(الخلال) حلية تقليدية؛ فكأنَّ الإيقاع البصري بهذا الرقيم المخصوص صورة من صور الانتماء وعشق التجذر اللذين تصدح بهما هذه المجموعة الشعرية.

2- التكرار آلية موسيقا واستقراء:

تخص الشاعرة قصائدها برؤية إيقاعية تعتمد التكرار آلية تخلق نغمية القول الشعري، وتبني عوالم دلالية للخطاب الذي يحمله.

وهو تكرار تتعدد وجوهه، من تكرار لفظي، إلى تكرار مقطعي، فتكرار سردي حكائي، مثلاً في قصيدة (شهيدة جربة) يمسي السرد ناي الحكاية، مراوحاً بين أفعال القصّ في زمن الماضي، وأفعاله في زمن الحاضر، لترسم لنا الشاعرة بهذه الموسيقا السردية في الشعر صورة الأفول والخلود في آن)

3- لعبة الضمائر:

تنوع الشاعرة الضمائر المسندة إلى الذات المتلفظة، مشتغلة بتكرار ضمير التلفظ في القصيدة، فهي تارة (الأنا) الأنثى، وهي طوراً (الأنا) الذكر، وهي الذات الجمع (نحن)؛ فكأنَّ القصائد، في لعبة الضمائر هذه، أصوات شتى تتشارك في رسم أناشيد لذة العشق، وملاحم ألم المواطنة، وأهازيج الوجود الإنساني.

هكذا، في زاوية من زوايا القول الشعري في (خلجات) للشاعرة منيرة الحاج يوسف، تبين للقارئ بعض ملامح رؤية شعرية مخصوصة تنهل من سحر الذاكرة عبق التناص، وتمتح من نظرية الإيقاع صنوف آليات موسيقا النص، لترسم أسرار الذات المتلفظة في القصيدة، في انفعالاتها، لذة وألما، حيرة وأملا، خيبات وحلماً.

Please follow and like us:
Pin Share

About The Author

Previous post

(رسم الوطن بظلال القصيدة) قراءة لقصيدة (قهوتي العربية)من المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف، بقلم الأديب ناصر زين الدين/ لبنان

Next post

منصة ثقافة انسانية-غرفة النقد-(ح8)-ناقد وكاتب-المجموعة الشعرية (على كتف النهار)-للشاعرة سمر الديك-تقديم الناقدة الدكتورة دريّة فرحات-قراءة الناقد الأستاذ رائد مهدي والناقد الاستاذ منذر غزالي مع مشاركة النقاد من العالم العربي مشكورين الناقد الدكتور حامد حجّي والشاعرة الأستاذة منيرة الحاج يوسف والناقدة الاستاذة زهرة خصخوصي والشكر الكبير للحضور

RSS
Follow by Email
Contact