×

(رسم الوطن بظلال القصيدة) قراءة لقصيدة (قهوتي العربية)من المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف، بقلم الأديب ناصر زين الدين/ لبنان

(رسم الوطن بظلال القصيدة) قراءة لقصيدة (قهوتي العربية)من المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف، بقلم الأديب ناصر زين الدين/ لبنان

(رسم الوطن بظلال القصيدة)

قراءة لقصيدة (قهوتي العربية) من المجموعة الشعرية (خلجات) للشاعرة التونسية منيرة الحاج يوسف،

بقلم الشاعر ناصر زين الدين

***********

نبدأ بالقصيدة:

قهوتي العربية

أجهز

على نار أحزاني

قهوتي العربية

أتأملها

فأراني أفتش عني

في صفحة فنجاني

أترشفها

فتحتسيني غيمة الدمع

وعلى ضفة أحزاني

أستريح قليلا

يتمدد شوقي

الى سالف أزماني

يعتريني هوس …. يسكنني

يعشعش في وجداني 

أتصفح التاريخ، أدندن

كأنني في حفلة رقص

أوفي مهرجان

أتطلع من جديد

 فأرى ارتعاشة نظرتي

تفوح رائحة البن

 فأخجل

من حزن

 عشعش في وجداني

أتعب قلبي وأعياني

قهوتي العربية

مرة جدا

وحاضري كلون القهوة

مرفأ بلا عنوان

بقلمي منيرة الحاج يوسف

*****

القراءة بعنوان (رسم الوطن بظلال القصيدة)

عنوان القصيدة

 (  قهوتي العربية )

 هذا العنوان هو بحد ذاته قصيدة

-القهوة: هي السواد والمرارة.

-الياء: (ي) هي نسبة للمتكلم أي الذات.

-العربية: هي صفة هذه القهوة التي تٌحدثنا عنها الشاعرة.

لذلك نرى نجاح الشاعرة في اختيار العنوان وهذا الوصف للسواد الذي تمر فيه أمتنا العربية والمرارة التي يتضمنها هذا السواد هو نجاح المتميّزة بلغتها وشاعريتها.

وكما قالت الشاعرة الثائرة والمدافعة عن الإنسانية لرؤيتها لوحة الوطن العربي كأنّها ترسم لوحتها الجريحة:

قهوتي العربية

أتأملها

فأراني أفتش عن ذاتي

في صفحة فنجاني

أرشُفها

فتحتسيني غيمة الدمع

الفنجان هو عالمنا العربي الذي يعكس صورتنا السوداء التي نرشفها في مرارة فترتجف وجوهنا، ونشعر بمرارة هذا الوجه ونعود لنرشفه ثانية وثالثة دون أن نغيّر فيه شيئاً أو يُغيّر فينا شيئاً. هذا هو الألم بنظر الشاعرة حينما يشربها الدمعُ.

أمّا في قولها:

 “يتمدد شوقي

إلى سالف زماني

يعتريني هوسٌ يسكنني

يعشعشُ في وجداني

أتصفح التاريخ ،أدندن

كأنني في حفلة رقص

أوفي مهرجان

أتطلع من جديد

 فأرى ارتعاشة نظرتي

تفوح رائحة البن

 فأخجل

تَحْمِلُنا الشاعرة إلى أن تصلَ بنا إلى حفلة الرقص، فتقع في خجلها، أي عالمنا العربي يقع في خجله.

هذا ما وقعت به شعوبنا العربية، كلّما غيّرتْ أوضاعها إلى الأحسن، تجدُ أنّ الأمواج تحملها ثانية وتعيدها من حيث أتت فتبقى في صراع الكرّ والفرّ إلى يوم القيامة.

نعم، الشاعرة التونسية تعكس الوضع التونسي وهو الوضع الذي لا يختلف عن الأمة العربية مجتمعة، كيف لا وهي كانت في طليعة التحركات الجماهيرية في جزيرتها الأم لتطالب لشعبها بحياة وحرية أفضل.

الشاعرة المميّزة منيرة الحاج يوسف تريد من هذه القصيدة (قهوتي العربية) أن تضع إنسانيتها أمامنا ككل حرٍّ عربيّ، تضع إنسانيتها على المذبح العربي قرباناً لفداء أمّةٍ ترتدي السواد (القهوة) وتتذوق المرارة (العادات) وتأخذُ من التاريخ مصائبَه العربية بدل حسناته العربية.

هذه القصيدة رسالة توعية من أستاذة في اللغة العربية تخاف على تلامذتها أن يتعلموا أو يفهموا الواقع خطأ، وشاعرة تبكي على أمّة، مع أن الكلمات العربية كالزهور في حدائق اللغة استطاعت شاعرتنا أن تختار لنا الأجمل لوناً والأفضل عطراً، تحية لهذه الشاعرة منيرة الحاج يوسف وتحية لقلمها الجميل.

About The Author

Contact