×

أحزان الثلج // الشاعرة منيرة الحاج يوسف… //تونس

أحزان الثلج // الشاعرة منيرة الحاج يوسف… //تونس


أحزان الثلج

منيرة الحاج يوسف… تونس

الإهداء : إلى أستاذي، الإنسان جدّا، الدكتور مديح الصادق العزيز أهدي كلماتي

في نِهاياتِ عِامٍ يسْتحِمُّ في مْسْتنقعِ آثامِه…

غَارِقا في بياضِك كالمَلاكِ

أَراكَ

يُجَلِّلُكَ النَّقاء والكِبْرِياءُ

تَكتُبُ بِندَفِ الثَّلْجِ

أمَانِيَّكَ للعَامِ الجَدِيْدِ

للأطْفَالِ المَزْرُوْعِينَ عَلَى قَارِعَةِ الطُّرُقَاتِ كَالنَّبَاتِ

تَصْطَكُّ أسْنانُهُمْ

تعْزِفُ لَحْنَ أوْجَاعِهِمْ

يَعْصِرُهُم حَنِين للدِّفْءِ فِي حِضْنِ أُمٍّ تَوَشَّحَتْ بالدَّمِ …ثُمَّ غَادَرَتْ

لِلْجيَاعِ يَقْضِمُونَ رَغِيفَ أَحْزَانِهِمْ

مِنْ مَزابِلِ أسْيَادهِم يَلتقٍطِونَ

حلْوَى العِيدِ

وأسْمَالًا يَحْتَمُونَ بِهَا مِنَ البرْدِ الشَّدِيدِ

لِنِسوَةٍ مِن سَوْطٍ يَلْسَعُ ظُهُورَهُنَّ

فِي البُيُوتِ المُغْلَقةِ هَارِبَاتٍ

للْإنسَانِ وَقَد باتَ غَرِيبًا

عَنْ إنْسَانيَّتِهِ

تَكْتُبُ لِكُلِّ هَؤلاءِ وَ غَيْرهِمْ

في لَيلٍ أحْزانُهُ غُرْبَة لا تَنْتهي

ظَلَامُهُ ظُلْمٌ و قَهْرٌ وَاِعْتدَاءٌ

أَرَاكَ تَسْتضِيءُ بذكرياتٍ تَرَكْتَهَا

عَلَى أعْتابِ وَطَنٍ لَطَّخَهُ المُجْرمُونَ

سَرَقوا بهْجتَهُ وفرحَةَ العَذَارَى

شَرِبُوا نبيذَ المُتْعَبينَ

في غَابَاتِ النَّخلِ وَالأعْنابِ

ثُمَّ مَعَ الفَجْرِ عَادُوا عَلى الأعْقَابِ

يَتَجَشَّؤُونَ مٌرَّ صَنيعِهِمْ

مَازلتَ تَذْكُرُ وَقْعَ أقْدامِهِم الغلِيظَةِ

ترَى مَا خَلَّفَتْهُ كُفوفُهُمْ الخَشَبِيَّةُ

عَلى الأيَادِي الغَضَّة والبَضََّةِ

تَصُمُّ أُذُنَيْكَ صَيْحَاتُ الأرَامِلِ والثَّكالَى واليَتَامَى

تَسْقي بِدمعِهِنَّ زُهُورَ حَدِيقتِك

عَلَى بَياضِ ثلْجِكَ تَكتُبُ لَهُنّ شِعْرًا بالأنامِلِ

ترْسلُهُ في البريدِ السَّريعِ

مَعَ رِيحِ شَوْقِك لِلْعراقِ وللْعمَارَةِ

للْفراتِ، للمُتَنبِّي، للسَّيابِ، للمَلائكَةِ

للدِّيارِ وللْحِجَارَةِ

في مُسْتهَلِّ العَامِ

أرَاك تَرْكُضُ، تَجْرِي، تطيرُ كَالحَمامِ

تُوَزِّع مَا اِخْتَزَنتَ في فُؤادِكَ مِن أَمَانِي

تُصَلِّي حَتَّى عَليْنَا يعُمُّ السَّلامُ

وتُشْرق الشَّمسُ بِالمَحَبٍةِ

ويَرْتفعُ قَليلاً قَدْرْ الأنَامِ

وتَسْألُ، ماذا تراهُ تُخَبٍّئُ أكْثَرَ

قسْوَةُ الإنْسَانِ عَلَى الإنْسَان

بِثَلجِكَ تدثَّرْ…فَمَا عَادَ يُجْدِي الكلامُ

About The Author

Contact