×

جدتي حنان… إعداد وتقديم الكاتبة ليلى مراني

جدتي حنان… إعداد وتقديم الكاتبة ليلى مراني

قصة جدتي حنان ( قصة لللأطفال ) من إعداد وتقديم الكاتبة ليلى مراني من لجنة الطفل في منصة ثقافة انسانية الجناح الثقافي المحكم لمنتدى ثورة قلم لبناء انسان أفضل

جدّتي حنان… / قصة للأطفال

ليلى عبدالواحد المرّاني

أحبّ جدّتي حنان، أختبىء في حضنها ليلا… تحكي لي قصصاً جميلة، بعضها عن الجنّ والعفاريت؛ فأرتجف… تحضنني وتقبّلني، فأشعر بدفئها… ثم تحكي لي قصةً أحبّها عن الأرنب الصغير، سأحكيها لكم يوماً… أغفو؛ فتحملني إلى فراشي

يوم أمس بكيت على صدرها، كان أوّل يوم أذهب إلى المدرسة، وحين سألتني، أجبت،

لا أريد الذهاب إلى المدرسة يا جدّتي…

كيف، ولماذا… كنت تقولين أنّكِ تريدين أن تصبحي دكتورة…

البنات يسخرن منّي، ويضحكن عليّ…

لماذا…؟

سمعت بعضهن يهمسن، انظروا إلى عينيها، واحدة زرقاء والأخرى خضراء ويضحكن، وأخريات يهربن منّي…

اسمعيني يا صبا… سأحكي لك قصة…

وضعت رأسي في حضنها، وأخذت تداعب خصلات شعري الطويل… وتحكي…” حين كنت صغيرة، كنت ألثغ ببعض الحروف، هل تعرفين ما معنى ألثغ؟

لا يا جدّتي…

يعني لا أستطيع أن أنطق بعض الحروف بصورةٍ صحيحة، مثل ( ر .. ز.. س.. ص.. ض.. ط )، وحتى اسم الجلالة، الله، لم أكن أستطيع لفظه… كانت هذه الحروف تخرج من أنفي وغير واضحة، حين ذهبت إلى المدرسة، عدت أبكي مثلك إلى أمّي… أخبرتها أن البنات كنّ يتهامسن ويضحكن حين أتكلّم، وحتى المعلّمة لم تكن تفهم أحياناً ما أقول، ولكنها توبّخ الطالبات… أمّي كانت تقول لي، ” يجب أن تثبتي وجودك، كوني قويّة ومتفوّقة، وسوف يحبّك الجميع…”، وهذا ما كان، بذلت كلّ جهدي كي أتفوّق وأكون الأولى على صفّي… معلمتي تطلب من الطالبات أن يصفّقن لي، تقول،” انظروا إلى كتابة حنان كم هي جميلة…”، وتعرض دفتري عليهن ، فأفرح، وأعود إلى البيت وأنا سعيدة… حتى معلّمة الرياضة والتي كانت تعلّمنا أيضاً اناشيد وطنيّة جميلة، حين سمعت صوتي، طلبت منّي ان أقف أمام الصف وأنشد، والطالبات ينشدن ورائي… أذكر هذا النشيد، كم كنت أحبه:

يا بلادي يا بلادي.            حبّذا أنتِ بلادا

لكِ أخلصتُ ودادي.          فاقبلي منّي الودادا

ليس في الدنيا بلادٌ            هي أحلى من بلادي

وأنشدت جدّتي  هذا النشيد بصوتها الجميل، واحتضنتني من جديد وهي تقول، ” ياااه يا صبا، تذكّريني بأجمل أيام عمري، وأنا ألعب مع صديقاتي ونطارد الفراشات أو نسبح تحت زخّات المطر!… لكن حدث أن انتقلنا من بيتنا إلى منطقة بعيدة أخرى، فكان عليّ أن أغيّر مدرستي التي أحببتها وصديقاتي اللاتي تعلّقت بهن، وأيضاً معلماتي… حزنت جداً، وحزني كان أعظم لأنني سأعاني من جديد مشكلتي مع الحروف ومع طالبات جديدات… لم أستطع النوم تلك الليلة… كنت خائفة ويائسة، بكيت… دعوت الله وأنا أبكي أن يساعدني… متى نمت؟ لا أدري، ولكن كانت المعجزة… حين استيقظت صباحاً وتحدّثت مع أمّي ، كنت أنطق جميع الحروف بوضوح… احتضنتني أمّي مندهشة، وقبّلتني… وبقيت متفوّقة في دروسي، وكنت في معظم الأحيان فارسة الصف… ودخلت الجامعة، وتخرّجت… ولهذا يا حبيبتي، أريدك أن تكوني

 قويّة ومتفائلة، وأن تبرهني للأخريات ان لا عيب فيك، وإن الله، عزّ وجل، هو من خلقك على هذه الصورة… وثقي يا صبا ستتفوّقين وتثبتين جدارتك، فأنت حفيدتي التي أحبّها… ثم، أتعلمين بأن معظم الفتيات يتمنّين عيوناً زرقاء أو خضراء؟ … وأنت محظوظة لأن الله وهبك اللونين معاً… “

وضحكت جدّتي وهي تضمّني إلى صدرها، وقبّلتني… هل عرفتم الآن لماذا أحبّ جدّتي حنان…؟

About The Author

Contact