×

رأي كامل (ح 7) بيئتنا تستنجد بنا … /بقلم الشيخ كامل العريضي /لبنان

رأي كامل (ح 7) بيئتنا تستنجد بنا … /بقلم الشيخ كامل العريضي /لبنان

بيئتنا تستنجد بنا

توقعت المراصد الجوية أن الطقس سوف يتحول إلى ماطر مصحوبا برياح شديدة في منطقتنا، وهذا هو حالنا خلال الأيام والأشهر القادمة، ونسأل المولى الكريم أن تكون نسبة هطول الأمطار كافية كي تتغذى الأنهار الجوفية والسطحية مما ينعكس ايجابا على توفر مياه الشفه وري المحاصيل الزراعية في بلد يعاني من مشاكل جمّة وصعبة.

ومن المؤكد، وكما في كل عام، وبعد حصول العاصفة الممطرة الأولى سنرى مشاهد لطرق ممتلئة بالمياه، ونشاهد تقارير إعلامية عن هول الكارثة خصوصا اذا فاضت مياه الأنهر على البيوت القريبة، بالإضافة إلى سيارات مقطوعة ومغمور قسم منها بالمياه مع معاناة المواطنين المتصررين من جراء ما سيحدث!
كل ذلك سيترافق مع عبارات وتصاريح تدين الدولة وسياستها والوزارات المعنية من أشغال وغيرها، والبلديات، بسبب عدم اهتمامها بتنظيف الأقنية ومجاري الأنهار والسواقي. علما أن عملية التنظيف هذه تكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة لشركات متخصصة بهذا الشأن. ولكن السؤال هل الدولة تتحمل وحدها المسؤولية فقط؟ بكل تأكيد لا. فهي تتحمل جزءا منها والجزء الآخر يتحمله المواطن. قد يقول قائل كيف يتحمل المواطن إهمال الدولة وتقصيرها؟ سؤال في مكانه ومحله، ولكن فلنتكلم عن أسباب المشكلة أولا.

إن المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق المواطن هي عدم التزامه بقوانين المحافظة على البيئة، فعندما يرمي النفايات من نافذة السيارة على قارعة الطريق سيؤدي بها المطاف الى الاستقرار في القناة المخصصة لتصريف المياه وهذا ما يساهم بشكل مباشر في إغلاق تلك الأقنية، وكذلك عندما تصبح مجاري الأنهار والسواقي مكبا للأتربة والنفايات المختلفة من أثاث منزل وأحجار وبلاستيك وأكياس نيلون إلخ… فهذا يعني وبكل تأكيد فيضان مياه النهر وإلحاقها الأذى والضرر البالغ بالمحاصيل الزراعية والبيوت القريبة.
في بريطانيا على سبيل المثال، وقعت عدد من شركات “العلكة”البريطانية على مبادرة لتخصيص 10 ملايين جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات، للحد من فضلات العلكة في شوارع بريطانيا، وذلك بدعم من الحكومة البريطانية، لردع المواطنين عن رمي القمامة. وكانت الحكومة خيرت شركات العلكة بين دفع ضرائب عالية على المنتج أو المساهمة في دفع تكاليف إزالة العلكة عن الرصيف، لأن المواطنين يرمون العلكة بعد الانتهاء منها على الأرض وهذا ما يكلف خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة لإزالتها. وقالت وزيرة البيئة ريبيكا باو: “بقع العلكة المرماة في الطرقات هي آفة تلحق الضرر بمجتمعاتنا، وتفسد شوارعنا، وتهدر ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضرائب”، مضيفة :”الخطة الجديدة لا تجعل منتجي العلكة يساعدون في تنظيف البلدات والمدن فقط، وإنما يشاركون في فرض إجراءات حازمة لمنع الناس من إلقائها”.

وأود الإشارة إلى ظاهرة غربية وهي اعتبار مستوعب المهملات عند البعض وكأنه كرة سلة فيقوم المواطن بجمع نفاياته مشكورا وعندما يقترب من المستوعب يطلق رميته على المستوعب والسيارة مازالت تسير فإذا أصابت الهدف ودخلت النفايات في المستوعب يعلو التصفيق والتجشيع داخل السيارة، واذا لم تدخل المستوعب واصبحت النفايات خارجها تعلو الحسرة أو الادانة له من رفاقه. ولكن الحاصل هو استقرار النفايات على قارعة الطريق.
أخي الكريم مهمتك ليست لعب كرة السلة في رمي القمامة بل هناك ملاعب خاصة لهذه الرياضة العالمية، أما القمامة، فمن الواجب أن توقف سيارتك عن السير وتقوم بوضع القمامة داخل سلة المهملات وتكون بفعلك هذا محمودا، وتساهم في رفع الأذى عن الناس. وانا وأنت قد نكون واحدا منهم. حيث جاء في الحديث الشريف:  إن على كل مسلم في كل يوم صدقة. قيل: مَنْ يطيق ذلك؟ قال عليه الصلاة والسلام: إماطتك الأذى عن الطريق صدقة.

أما أولئك الذين مازالوا يرمون القمامة على الطريق وفي الأحراش، فحان الوقت كي يرتدعوا عن تلك العادة السيئة وغير الحضارية ولا تليق بإنسان يحترم نفسه ومجتمعه. ويجب أن يعلموا أنهم بفعلتهم هذه يتسببون بالأذى لكل مواطن بالإضافة إلى إرهاق البلدية والدولة بمبالغ مالية من جيوب الناس لتنظيف ما تم تلويثه.

اذا هي أعمالنا تعود بنفاياتنا إلينا، فبعد فيضان الأقنية والأنهار وجرفها ما تم رميه فيها فهي تلفظ تلك القمامة إلينا، وكأنها تقول: لنا أيها البشر تعلموا النظافة وحافظوا على البيئة، فنحن لا نقبل أن نتحمل قمامتكم فأنتم أولى منا بها.
هي الطبيعة تلقننا درسا كل عام، لا بل كل يوم وإن بطرق مختلفة فهل نتعلم؟

About The Author

Contact