×

شيءٌ من اللغة العربية ح 30 (عواملُ جزمِ الفعلِ المُضارِع). بقلم د. مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح 30 (عواملُ جزمِ الفعلِ المُضارِع). بقلم د. مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية حلقات متتالية لإلقاء الضوء على أسرار اللغة العربيةتحاشياً للوقوع بالأخطاء، يستفيد منها المتخصص وغير المتخصص على حدٍّ سواء، يكتبها أستاذ جامعي ومتخصص في اللغة العربية وعالم في شؤونها؛ الدكتور مديح الصادق، عراقي مقيم في كندا، مستشار اللغة العربية في منتدى ثورة قلم ورئيس منصة ثقافة إنسانية، الموقع المحكم لغوياً لدى منتدى ثورة قلم لبناء إنسان أفضل.

شيءٌ من اللغة العربية ح 30 (عواملُ جزمِ الفعلِ المُضارِع).

بقلم د. مديح الصادق… من كندا.

يَجزِم الفعل المضارع قسمان من الأدوات:

أولا- ما يجزم فعلاً واحداً، هي:

1- (اللام) الدالة على الأمر: (لِيتَّعظْ الضالّونَ)، أو الدالة على الدعاء:{لِيقْضِ علَيْنَا رَبُّكَ}.

2- (لا) الدالة على النهي، نحو: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}، أو الدالة على الدعاء:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا}.

3- (لم) هي أداة نفي وجزم، تقلب زمن المضارع إلى ماضٍ: (لم يَأتِ أخوكَ).

4- (لمّا) هي أداة نفي وجزم، تقلب زمن المضارع إلى ماضٍ، والنفي بها يكون متصلا بالحال،

أي أن الفعل منفي حتى لحظة النطق بها: (حضرَ زيدٌ ولمّا يحضرْ عَمْرٌو).

……………..

ثانيا- ما يجزم فعلين، أولهما فعل الشرط، وثانيهما جواب الشرط، هي:

1- (إنْ): {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ الله}. (إنْ تدرسْ تنجحْ).

2- (مَنْ): {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}. (مَنْ يَصدِقْ يُحترَمْ). (للعاقل).

3- (ما): {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}. (ما تقرأْ ينفعْكَ). (لغير العاقل).

4- (مهما): {وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}. (مَهْما تُنفِقْ لِلخَيرِ يَعُدْ لكَ).

5- (أيّ): { أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}. (أيَّ صديقٍ تختَرْ أختَرْ).

6- (متى): “ مَتى تَأتِهِ تَعشو إِلى ضَوءِ نارِهِ… تَجِدْ خَيرَ نارٍ عِندَها خَيرُ مَوقِدِ”. البيت للحطيئة.

7- (أيَّانَ): ” أيَّانَ نُؤمِنْكَ تَأمَنْ غَيْرَنَا… وَإذَا لَمْ تُدْرِكَ الأمْنَ مِنَّا لَمْ تَزَلْ حَذِرَا” البيت لم يُنسب لقائل.

8- (أيْنَمَا): ” صَعْدَةٌ نَابِتَةٌ فِي حَائِرٍ… أَيْنَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلْهَا تَمِلْ”. البيت لكعب بن جعيل.

9- (إذْ مْا): “وإنَّك إذ مَا تَأتِ ما أنتَ آمِرٌ… به تُلْفِ مَن إيَّاه تأمُرُ آتِيَا”. البيت لم يُنسب لقائل.

10- (حَيثُما): “حَيْثُما تَستَقِمْ يُقَدِّرْ لكَ اللهُ… نجَاحَاً في غَابِرِ الأَزْمَانِ”. البيت لم يُنسب لقائل.

11- (أنَّى): “خَليلَيَّ، أنَّى تَأتيانيَ تَأتِيا… أخَاً غيرَ ما يُرَضيكُما لا يُحاوِلُ”. البيت لم ينسب لقائل.

12- (كيفما): (كيفَما تصلْ أستقبلْ قدومَكَ).

الأدوات الجازمة لفعلين جميعها أسماء عدا (إنْ، وإذْ ما)؛ فهما حرفان.

ملاحظة: عندما تتبع (إنْ) الشرطية (لا) النافية؛ تُحذف النون، وتُشدد (اللام)، وتُكتب (إلّا).

……………

الأدوات الجازمة لفعلين تقتضي جملتين، الأولى تسمى جملة الشرط وتسمى الثانية

جواب الشرط، أو جزاءه.

يتوجب في الجملة الأولى أن تكون فعلية، أما الثانية فقد تكون فعلية وهو الأصل:

(إنْ ينجَحْ ابنِي أُكرِمْهُ)، أو تكون الثانية اسمية: (إنْ ينجَحْ ابنِي فَهوَ فائزٌ بالمُكافأةِ).

وهنا يجب أن تقترن الجملة الاسمية بالفاء؛ كما سنأتي عليه لاحقاً.

……

هناك أربع حالات لجملة الشرط وجملة جواب الشرط؛ في حال كانتا فعليتين:

1- الفعلان ماضيان: يكونان في محل جزم:{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ}.

2- الفعلان مضارعان: يكونان مجزومين:{وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ}.

3- الأول ماض والثاني مضارع: الأول في محل جزم والثاني مجزوم:

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}.

ملاحظة: هنا يجوز جزم الثاني (المضارع)، ورفعه: (إنْ حضرَ زيدٌ يَحضرْ عَمرٌو)،

أو (إنْ حضرَ زيدٌ يَحضرُ عَمرٌو). من شواهد النحاة بيت لزهير بن أبي سلمى:

“وَإِنْ أَتاهُ خَليلٌ يَومَ مَسأَلَةٍ… يَقولُ لا غائِبٌ مَالي وَلا حَرِمُ”؛  برفع (يقول).

4- الأول مضارع والثاني ماض:، الأول مجزوم والثاني في محل جزم، وهذا قليل جداً،

يختصّ بالضرورة الشعرية؛ كما يرى جمهور النحويين، قال أبو زيد الطائي:

مَنْ يَكِدْني بسَيِّء كُنْتَ مِنْهُ… كَالْشَّجَا بَيْنَ حَلْقِهِ وَالْوَرِيْدِ”.

…………….

يجب اقتران الجواب بالفاء؛ إنْ لم يصلح أن يكون شرطاً، في الحالات التالية:

  1. الجواب جملة اسمية: (إنْ زارَنا ضيفٌ فهوَ مُكرَمٌ).

هنا يجوز إقامة (إذا) الفجائية مقام الفاء:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}.

  •  الجواب فعل أمر: (إنْ زارَكَ ضيفٌ فأكرِمْهُ).

3- الجواب جملة فعلية منفية ب(ما) أو (لنْ): (إنْ يفشلْ سعدٌ فما أوبِّخُّهُ)،

(مَنْ يَسرقْ شعبَهُ فلَنْ يَرحمَهُ التاريخُ).

4- الجواب مضارع مقرون بحرف التنفيس، (السين أو سوف): (إنْ تزرْنِي فسوفَ أكرمُكَ).

5- الجواب فعل ماض متصرف أو مضارع مقترن ب(قد): (إنْ تحضرْ فقدْ أُكرِمُكَ).

(حيثُما زارَني أخي فقدْ أكرَمْتُهُ).

………..

إذا وقع بعد جواب الشرط فعل مضارع مقرون بالفاء أو الواو؛ يجوز فيه ثلاثة أوجه:

الجزم، والرفع، والنصب؛ وقد قُرئ بالثلاثة:

{ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ الله فَيَغْفِرْ لِمَن يَشَاء}. بجزم (يغفر).

{ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء}. برفع (يغفر).

{ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ الله فَيَغْفِرَ لِمَن يَشَاء}. بنصب (يغفر).

بجزم (يغفر)، ورفعه، ونصبه.

من شواهد النحاة:

” فَإِنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ… رَبِيْعُ النَّاسِ وَالبَلَدُ الحَرَامُ

وَنَأخُذْ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ … أَجَبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ”

البيتان للنابغة الذبياني، وقد رُويا بجزم الفعل (نأخذ)، ورفعه، ونصبه.

……………………….

يجوز حذف جواب الشرط والاستغناء عنه بالشرط في حال دلّ عليه دليل:

(أنتَ شجاعٌ متى تقُلْ الحقَّ). التقدير: (أنتَ شجاعٌ، متى تقُلْ الحقَّ فأنتَ شجاعٌ).

…………….

يجوز حذف الشرط والاستغناء عنه بالجزاء، قال محمد بن عبد الله الأنصاري:

فطلِّقْها، فلسْتَ لَها بِكُفءٍ… وإلّا يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسامُ).

التقدير: (وإلّا تطلِّقْها يَعلُ مفرقَكَ الحسامُ). هذا شائع كثيرا في الشعر وفي النثر.

ملاحظة: (إلّا) مكونة من (إنْ) الشرطية الجازمة لفعلين مع (لا) النافية، كما ذكرنا.

………

إذا اجتمع القسَم والشرط فكلّ منهما يتطلب جواباً.

جواب الشرط إما مجزوم، أو مقرون بالفاء.

جواب القسم إمّا:

1- جملة فعلية مُثبتة مُصدرة بمضارع مؤكد ب(اللام والنون): (واللهِ، لأضرِبَنَّ زيداً).

  • أو مصدرة بماض مقترن ب(اللام) و(قد): (واللهِ، لقدْ قامَ زيدٌ).
  • أو جملة اسمية مصدرة ب(إنَّ واللام)، أو (إنَّ) وحدها، أو ب(اللام) وحدها:

(واللهِ، إنَّ زيداً لَقائمٌ)، (واللهِ، إنَّ زيداً قائمٌ)، (واللهِ، لَزيدٌ قائمٌ)،

  • أو جملة فعلية منفية ب(ما) أو (لا) أو (إنْ):

(واللهِ، ما يقومُ زيدٌ)، (واللهِ، لا يقومُ زيدٌ)، واللهِ، إنْ يقومُ زيدٌ)، والاسمية كذلك.

………….

اذا اجتمع شرط وقسم يُحذف جواب المُتأخر منهما؛ لدلالة جواب الأول عليه:

(إن قامَ زيدٌ، واللهِ؛ يَقمْ عَمرٌو). حُذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه.

(واللهِ، إنْ يَقمْ زيدٌ؛ لَيقومَنَّ عمرٌو). حُذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه.

….

إذا تقدم المبتدأ على القسم والشرط؛ يُحذف جواب القسم، سواء كان متقدماً أم متاخراً:

(زيدٌ إنْ حضرَ، والله؛ أُكرِمْهُ).

(زيدٌ، واللهِ؛ إنْ حضرَ أُكرِمْهُ).

………………..

يُجزم الفعل المضارع إذا تقدم عليه (طلب) تضمن معنى الشرط، واستقام الغرض

المراد من ذلك. الطلب يعني:

1- الأمر: (ادرسْ تنجحْ). التقدير:(ادرسْ وإن تدرسْ تنجحْ).

قال امرؤ القيس: “قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ… بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ”.

2- النهي: (لا تكذبْ تُحترَمْ). التقدير: (لا تكذبْ وإلَّا تكذبْ تُحترمْ).

3- الاستفهام: (ألا تزورُني أُكرمْكَ).

4- العرض: (ألا تزورُونني أُرحِّبْ بكم).

5- التحضيض: (هلّا اجتهدْتِ تنجحِي).

6- التمنّي: (ليتَ الشبابُ يعودُ أطُفْ حولَ العالمِ).

7- الترجّي: (لعلّي أخوضُ السباقَ أفزْ).

………………….

علامات جزم الفعل المضارع:

1- السكون لصحيح الآخر: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}. (يعملْ): مجزوم وعلامة جزمه السكون.

2- حذف حرف العلة والتعويض عنه بحركة تناسبه: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}.

(يرَ): جواب الشرط، مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الألف)، والتعويض عنه بالفتحة.

(أنَّى تدعُ للخيرِ تَجنِ خيراً). الفعل (تدعُ): مجزوم بحذف الواو، والفعل (تجنِ) مجزوم بحذف الياء.

  • حذف النون: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}. (ما تَعمَلا مِن خيرٍ تُجزَيَا بهِ). (إنْ تدرسِي تنجحِي).

……………………….

عسى أن أكون قد وُفقت في عرض المادة بأسلوب مركَّز مبسَّط لمن يحتاجها.

نلتقي في الحلقة (31) القادمة (لو، لولا، لوما، أمَّا).

كندا – 18 – 2 – 2022

About The Author

Previous post

شيءٌ من اللغة العربية ح 29 (إعراب الفعل المضارع). بقلم د. مديح الصادق… من كندا.

Next post

جمالية الوصف وأوجه الاختلاف بين البيئتين العربية والأوروبية من خلال السرد القصصي.في المجموعة القصصية (رائحة الأمكنة) للقاصة العراقية المغتربة في ربوع أوروبا الأستاذة ليلى عبد الواحد المرّاني. قراءة الأديبة الناقدة سمر الديك، من سوريا، فرنسا.

Contact