×

شيءٌ من اللغة العربية (ح26) (الإضافة).بقلم : أ. د. مديح الصادق، من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية (ح26) (الإضافة).بقلم : أ. د. مديح الصادق، من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح26 (الإضافة).

بقلم أ. د. مديح الصادق، من كندا.

الإضافة هي نسبة بين اسمين، يكتسب الأول التعريف من الثاني إنْ كانَ الثاني معرفة نحو: ديوانُ زهيرٍ،

أو يكتسب الأول التخصيص من الثاني إن كان الثاني نكرة، نحو: ديوانُ شِعرٍ.

يُسمى الأول مضافاً، ويُعرب حسب موقعه في الجملة، ويُسمى الثاني مُضافاً إليه ويكون حكمه الجرّ.

يُحذف تنوين المفرد وجمع التكسير وجمع المؤنث السالم، وتحذف نون المثنى ونون جمع المذكر السالم من المضاف:

كرّمنا شاعرَ الأمسيةِ، حضرَ ضيوفُ المهرجانِ، رحَّبنا بمُتابِعاتِ موقعِنا، نجحَ صديقا حسامٍ، اعتصمَ موظفو الوزارة.

………………

اختلف النحاة في عامل الجرّ في المضاف إليه، وهناك رأيان:

الأول- مجرور بالمضاف، وهو المُرجَّح عند الأغلبية.

الثاني- مجرور بواحد من ثلاثة حروف جرّ مُقدَّرة قبله، هي: (مِنْ، في، اللام).

أ- إذا كان المضاف إليه جنساً للمضاف؛ فالإضافة بتقدير (مِن)، نحو:

أُهديكِ سوارَ ذهبٍ، التقدير: أُهديكِ سواراً مِن ذهبٍ.

هذا ثوبُ حريرٍ، التقدير: هذا ثوبٌ مِن حريرٍ.

ب- إذا كان المضاف إليه ظرفاً وقع فيه المضاف، فالإضافة بتقدير (في)، نحو:

{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}. التقدير: مكرٌ في الليل والنهار.

ج- إذا لم يتعين تقدير (من أو في) فالإضافة بتقدير (اللام)، نحو:

هذا كتابُ سعدٍ، التقدير: كتابٌ لسعدٍ. عثرتُ على روايةِ سعادَ، التقدير: روايةٍ لسعادَ.

………………..

الإضافة نوعان:

1- الإضافة المحضة، المعنوية: هي التي تفيد المضاف:

أ- تخصيصاً، إذا كان المضاف إليه نكرة، نحو: قرأْنا قصيدةَ شاعرٍ.

ب- تعريفاً، إذا كان المضاف إليه معرفة، نحو: زارَنا أبو زيدٍ.

لا يجوز إضافة (الألف واللام) للمضاف في حال كانت الإضافة محضة، فلا تقل:

(هذا الكتابُ حامدٍ)، الصواب: هذا كتابُ حامدٍ.

………………..

2- الإضافة غير المحضة، اللفظية: هي التي لا تفيد المضاف تخصيصاً ولا تعريفاً، بل تفيد التخفيف.

ويتميز هذا النوع من الإضافة بأن المضاف وصفٌ يشبه الفعل المضارع ( اسم الفاعل، اسم المفعول)

بمعنى الحال أو الاستقبال، و(الصفة المشبهة)، نحو:

هذا قاتلُ الشهيدِ الآنَ، تلكَ محمودةُ الأخلاقِ، هذا حسَنُ النوايا.

أصل هذه الجمل: (هذا قاتلٌ الشهيدَ الآنَ، تلكَ محمودةٌ أخلاقُها، هذا حسَنَةٌ نواياهُ).

أفاد هذا النوع من الإضافة؛ التخفيف، أي (التخلص من التنوين) عندما أضيف الوصف إلى معموله.

علامة النوع الثاني من الإضافة (غير المحضة) أن تدخل عليه (رُبَّ) المُتخصصة بالنكرات:

رُبَّ زائرِنا لا يُطيلُ، وتوصف به النكرة، نحو: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ}.

القياس ألّا تدخل (الألف واللام) على المضاف إذا كانت الإضافة غير محضة؛ لكن يجوز ذلك

بشرط أن تدخل (الألف واللام) على المضاف إليه أيضاً، أو ما يضاف له المضاف إليه:

هذا الشاكرُ الفضلِ، هذا الشاكرُ فضلِ الأستاذِ.

هنا لا يُشترط دخول (الألف واللام) على المضاف إليه إذا كان المضاف مثنى أو جمع مذكر سالماً:

جاءَ الضاربا زيدٍ، اللعنةُ على قاتلِي أحمدَ.

……………

الأسماء التي تلزم الإضافة:

1- ما يلزم الإضافة لفظاً ومعنى: أي لا يستعمل مفرداً بلا إضافة، نحو:

(عندَ، لَدى، قُصارى، حُمادى، سوى).

منها ما لا يضاف إلا إلى الضمير: (وحدَكَ، لبَّيكَ، دوالَيكَ، سَعدَيكَ).

هناك أسماء تلزم إضافتها لجملة: اجلسْ (حيثُ) يجلسُ أبوكَ، أو (حيثُ) أبوكَ جالسٌ.

حضرنا (إذْ) أنت جالسٌ، حضرنا (إذْ) جلستَ. (وأنْتُمْ حيْنَئِذٍ تَنْظرُوْن} هنا حُذفت الجملة التي أضيفت

لها (إذ) وعَوَّض عنها التنوين.

لا تضاف (إذا) إلا لجملة فعلية: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}. هذا رأي البصريين.

أما إذا دخلت (إذا) على جملة اسمية، فالبصريون يرون أن ما بعدها فعل محذوف يفسره نفس الفعل الموجود في الجملة:

{وَإِذَا الْمَوْؤُوْدَةُ سُئِلَتْ}. التقدير: وإذا سُئِلتْ الموؤدةُ سُئِلتْ. (الموؤودةُ)- بنظرهم- فاعل لهذا الفعل المحذوف.

أما الكوفيون والأخفش فيرون أن الاسم بعد (إذا) مبتدأ، ولا تقدير لفعل محذوف، وجوّزوا ذلك.

من الكلمات التي بمعنى (إذْ) بكونها ظرفاً ماضياً غير محدود ؛ يجوز إضافتها للجملة الاسمية أو الفعلية:

(حين، وقت، زمان، يوم): (زرناكَ حينَ نجحْتَ، ووقتَ سمِعنا بنجاحِكَ، وزمانَ كنتَ جارَنا، ويومَ أنتَ ناجحٌ)

(كِلا، وكِلتا) من الأسماء الملازمة للإضافة لفظاً ومعنى:

عندما يُضافان للاسم الظاهر يُعاملان معاملة الاسم المقصور؛ رفعاً ونصباً وجرّاً: : فازَ كِلا الّلاعبَينِ،

استقبلنا كِلتا الّلاعبتَينِ، توجَّهنا إلى كلا الّلاعبينِ.

عندما يتصلان بالضمير يُعاملان معاملة المثنى، بالألف رفعاً وبالياء نصباً وجرّاً: حضرَ كِلاهُما، قابلتُ كلَيهِما،

رحَّبتُ بكلتَيهِما.

…………………..

من الأسماء الملازمة للإضافة (لدُنْ): هو ظرف لابتداء الغاية في الزمان والمكان، وغالباً ما تُجرّ ب(مِنْ):

{لِيُنْذِرَ بأسَاً شَديداً مِنْ لدُنْهِ}. هي مبنية على السكون عند العرب، و(قيس) تُعربها، ومنها قراءة أبي بكر عن عاصم:

{لِيُنْذِرَ بأسَاً شَديداً مِنْ لدُنِهِ}. لقد جرَّ نون (لدُنْ) على لغة (قيس).

يُجرُّ ما بعد (لدُنْ) بالإضافة، إلا (غدوة) فينصبونها على التمييز، وفي نصبها آراء أخرى، واستشهدوا ببيت مجهولة نسبته:

“ومَا زَالَ مُهْرِي مَزْجَرَ الكَلْبِ مِنْهُمُ… لَدُنْ غُدْوَةً حَتَّى دَنَتْ لِغُرُوْبِ”.

من الأسماء الملازمة للإضافة (معَ): هي اسم لمكان الاصطحاب أو وقته، وهي معربة، الشائع فيها فتح العين،

وجوَّز سيبويه بناء عينها على السكون للضرورة الشعرية، لكنها لغة (ربيعة)، ومن شواهد النحاة بيت لجرير بن عطية

يمدح هشام بن عبد الملك:

“فَرِيشِي مِنكُمُ، وهَوايَ مَعْكُم… وإنْ كانَتْ زِيارَتُكُم لِمَامَا”.

…………..

2- ما يلزم الإضافة معنى دون لفظ: يجوز أن يستعمل مفرداً بلا إضافة، نحو: (كلّ، بعض، جميع، أيّ).

من الأسماء الملازمة للإضافة معنىً (أيُّ) وتأتي: (شرطية، استفهامية، صفة، وموصولة).

أ- الشرطية: أيَّ كتابٍ تقرأْ أقراْ. هي جازمة لفعل الشرط وجوابه. تُضاف للنكرة المفرد والمثنى والجمع،

وللمعرفة المثنى والجمع عدا المفرد.

ب- الاستفهامية: أيُّ الفريقينِ فازَ؟. تُضاف للنكرة والمعرفة، المفرد والمثنى والجمع.

ج- الصفة: عندي صديقٌ أيُّ صديقٍ. لا تضاف إلا إلى نكرة. (ملازمة للإضافة معنى ولفظاً).

د- الموصولة: يُسعدنُي أيُّهم حاضرٌ. وقد شرحنا ذلك في محاضرة الأسماء الموصولة، ولا تضاف

إلا لمعرفة.

………………..

أحكام الأسماء التالية: (غير، قبل، بعد، حَسْب، أوّل، دون، أمام، خلف، فوق، تحت، يمين، شمال):

أ- (تُعرب) إذا أضيفت لفظاً: أُهديتُ كتاباً لا غيرَهُ. انظرْ أمامَكَ ولا تلتفتْ خلفَكَ.

ب- (لا تُنوَّن) إذا حُذف المضاف إليه ونُويَ اللفظ، كما في بيت شعر غير منسوب لقائل:

“وَمِنْ قَبْلِ نَادَى كلُّ مَوْلَى قَرَابَةً… فَمَا عَطَفَتْ مَوْلًى عَلَيْهِ العَوَاطِفُ”. التقدير: مِنْ قبلِ ذلكَ.

ج- (تُنوَّن) إذا حُذف المضاف إليه ولم يُنوَ لفظه ولا معناه ، وتُعامل معاملة النكرة، من هذا قراءة مَن قرأَ:

{للهِ الأمرُ مِنْ قبلٍ وِمِنْ بَعْدٍ}، ومن شواهده بيت ليزيد بن الصعق:

“فسَاغَ لِيَ الشرابُ وكنتُ قَبْلاً… أكادُ أَغَصُّ بالماءِ الحميمِ”.

د- (تُبنى) على الضمّ إذا حُذف المضاف إليه ونُوي معناه دون لفظه: {للهِ الأمرُ مِنْ قبلُ وِمِنْ بَعْدُ}.

قال أبو النجم العجلي يصف فرساً: “أقبُّ مِنْ تحتُ عريضٌ من علِ”

……………..

يُحذف المضاف لوجود قرينة تدل عليه، ويأخذ المضاف إليه حكمه لقيامه مقامه:

{وأُشْرِبُوا في قُلُوبِهِمُ العِجْلَ}. التقدير: أُشرِبوا في قلوبِهم حُبَّ العجلِ.

{وَجَاءَ رَبُّكَ}. التقدير: جاءَ أمرُ ربِّكَ.

……………..

قد يُحذف المضاف ويبقى المضاف إليه مجروراً، في حال عُطف المحذوف على مماثل له.

من الشواهد بيت لأبي داود الإيادي، واسمه جارية بن الحجاج:

“أَكُلَّ امرِئٍ تَحسَبينِ امرَأً… ونارٍ تَوَقَّدُ بِالَّليلِ نارا”.

التقدير: وكلَّ نارٍ، فقد عطف (كلّ) الثانية على (كلّ) الأولى، وحذف الثانية، وأبقى المضاف إليه (نار) مجروراً.

…………………….

يُحذف المضاف إليه ويبقى المضاف على وضعه كما لو كان مضافاً، ويُحذف تنوينه، إذا عُطف على المضاف

اسم مضاف إلى مثل المحذوف من الاسم الأول: قبَّلَ الأبُ رأسَ وجَبينَ ابنتِهِ.

لقد حُذف ما أضيف إليه (رأس) وهو (ابنته)، التقدير: (قبَّلَ الأبُ رأسَ ابنتِهِ وجَبينَ ابنتِهِ).

…………

يجوز الفصل بين المضاف (المصدر، أو اسم الفاعل)، والمضاف إليه، والفاصل ما نصبه المضاف من مفعول به،

أو ظرف، أو شبهه.

جاء في قراءة ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلادَهِمْ شُرَكَائِهُمْ}. التقدير: قتلُ شركائِهِم أولادَهم.

أعجبني ضربُ الكرةَ زيدٍ. التقدير: أعجبَني ضربُ زيدٍ الكرةَ.

جاء عمَّن يوثق بعربيته: “ترْكُ يوماً نفسِكَ وهواها؛ سعيٌ لها في رَدَاها”. التقدير: ترْكُ نفسِكَ يوماً…

………..

قد يُفصل بين المضاف والمضاف إليه بالقَسَم: هذا أخو واللهِ زيدٍ. التقدير: هذا أخو زيدٍ واللهِ.

قد يُفصل بينهما بأجنبي من المضاف، الشاهد في بيت لأبي حيَّة النميري يصف رسم دار:

“كما خُطَّ الكتابُ بكَفِّ يَوْماً… يَهُوديٍّ يُقاربُ أو يُزيلُ”.

التقدير: بكفِّ يهوديٍّ يوماً، و(يوماً) معمول (خُطَّ)، أجنبي من (كفّ).

قد يُفصل بينهما بالنعت، كما في بيت للفرزدق، همام بن معاوية:

“وَلَئِنْ حَلَفْتُ عَلَى يَدَيْكَ لأحْلِفَنْ… بِيَمِيْنِ أَصْدَقَ مِنْ يَمِيْنكَ مُقْسِمِ”. التقدير: بيمينِ مُقسِمٍ أصدقَ من يمينِكَ.

قد يُفصل بينهما بالنداء: هذا عهدُ يا هندُ شاعرٍ صادقِ العهدِ. التقدير: يا هندُ، هذا عهدُ شاعرٍ…

…………

المضاف إلى ياء المتكلم:

أ‌- يُكسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم (المفرد، أو جمع التكسير، أو جمع المؤنث السالم،

أو المعتل الجاري مجرى الصحيح)؛ رفعاً ونصباً وجرّاً، ويجوز تسكين الياء وفتحها:

حضرَ صديقِي، أكرمتُ صديقِي، رحَّبتُ بصديقِي. مثلها: أصدقائِي، وصديقاتِي، دَلوِي، ظبيِي.

ب- المقصور المضاف إلى ياء المتكلم يُجعل كالمثنى المرفوع: عصايَ، فتايَ، مرعايَ، هوايَ.

ج- المثنى المضاف إلى ياء المتكلم في حالة الرفع تقول: نجحَ صديقايَ، هذانِ كتابايَ.

في حالة النصب والجرّ تقول: قابلتُ صديقَيَّ، واشتقتُ لصديقَيَّ. أُدغمت الياء بالياء وفُتحت ياء المتكلم.

د- جمع المذكر السالم المضاف إلى ياء المتكلم، تقول في الرفع: حضرَ مُشجعِيَّ.

الأصل حضرَ مُشجِّعُوْيَ، فاجتمعت الواو والياء وسَبَقت إحداهما بالسكون؛ فقُلبت الواو ياءً وأُدغمتا،

ثم قُلبت الضمة في العَين كسرة لتناسب الياء، وفُتحت ياء المتكلم.

وفي حالتي النصب والجرّ تقول: شكرتُ مُحبِّيَّ، سلامي إلى مُحبِّيَّ.

الأصل شكرتُ مُحبِّينَ لي، وسلامي إلى مُحبِّينَ لي؛ حُذفت النون لمتطلبات الإضافة، واللام في (لي)

وأُدغمت الياء بالياء، وفُتحت ياء المتكلم.

ه- الاسم المنقوص المضاف لياء المتكلم، تقول: هذا محامِيَّ. أُدغمت الياء بالياء وفُتحت ياء المتكلم.

…………..

مع أطيب التحايا لكل مَن يُتابع محاضراتي باهتمام، ويستفيد منها، المُتخصِّصين وغير المُتخصِّصين.

نلتقي في الحلقة 27 (النداء).

كندا – 14 – 1 – 2022

About The Author

Contact