×

منطق جماليّة قصيدة النّثر في مستوياتها المتعدّدة والبعد الدّلالي لعناوين القصائد… دراسة نقدية للمجموعة الشعرية (آدون الشاعر المغترب) للشاعر ناصر زين الدين/لبنان، بقلم الناقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد/تونس

منطق جماليّة قصيدة النّثر في مستوياتها المتعدّدة والبعد الدّلالي لعناوين القصائد… دراسة نقدية للمجموعة الشعرية (آدون الشاعر المغترب) للشاعر ناصر زين الدين/لبنان، بقلم الناقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد/تونس

 

منطق جماليّة قصيدة النّثر في مستوياتها المتعدّدة والبعد الدّلالي لعناوين القصائد… دراسة نقدية للمجموعة الشعرية (آدون الشاعر المغترب) للشاعر ناصر زين الدين/لبنان، بقلم الناقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد/تونس

 

الشاعر ناصر زين الدين

“آدون الشّاعر المغترب” مجموعة شعريّة- حسب تصنيف النّاقد والنّاشر مختار أمين- صاحب مؤسّسة دار المختار للنّشر والتّوزيع-، لمؤلّفه الشّاعر المغترب ناصر زين الدّين، طبقا لما جاء في الصّفحة الثّانية. احتوت المجموعة على 24 نصّ شعري نثري، تراوحت بين قصائد طويلة وأخرى قصيرة على شكل خاطرة موزّعة على 124 صفحة، من الصّفحة 10 إلى الصّفحة 129، وقد خُصّصت صفحة للعنوان وكذلك للإهداء وأخرى لمقدّمة المؤلّف، فيما حظي الدّكتور مديح صادق بأربع صفحات لتقديم الدّيوان.

كما اشتملت الصّفحة 2 زيادة على تجنيس السِّفر ذكر اسم المؤلّف، مع ذكر بيانات تخصّ مقرّ مؤسّسة دار النّشر، تدخل في إطار التّسويق المباشر للمؤسّسة التي قامت بالطّباعة في آخر صفحة 132.

علما أنّ هذه الطّبعة هي الطّبعة الثّانية وقد أُشير لها في الصّفحة رقم 1 ليصير بذلك مجموع عدد الصّفحات 132 صفحة.

العتبات:

العنوان: “آدون الشّاعر المغترب”

جاء العنوان في شكل جملة إسميّة تلخّص صفة الشّاعر اللّبناني المهاجر، صاحب الدّيوان ، كما يحيلنا على انزياحات ودلالات مثيرة للذّهن من حيث تمثّل صورة المسافر الرّحّالة، المقترنة بانفعالات تغلب عليها الوحشة والفقد والحنين، وعدم الاستقرار،  بوصفها مشاعر الظلّ، التي تعكسها مرآة واقع منطقة ساخنة معكوسة، تمثّل كلّ مغترب مهاجر، ظلّ غيورا على وطنه، سئم الغربة سواء كان من أهل المشرق، أو المغرب، أو من الخليج، أو من ايّ بلاد من العالم، قست عليه الظّروف، فغادر موطنه و أهله لكسب حلال، نتيجة فاقة أو بحث عن مكان آمن، أولئك  الذين ابتليت أوطانهم  بالحروبات والصّراعات والاغتيالات والثّورات.

 

آدون الشّاعر المغترب:

 البعد الوظيفي للعناوين: 

 

لعبت العناوينُ في الدّيوانِ دورا استراتيجيا، وظيفيا ترميزيا، دلاليّا  وسايكولوجيّا، أخذ بعين الإعتبارِ الهويّةَ والكيانَ والكونَ، الرّهبةَ والخيبةَ، الأملَ والشكَّ الظّلمَ والتّظلّمَ، التّعجّبَ والاعتذارَ، والظلَّ والظّلالَ، والضّوء والضّياء، المرآة والشّاشة والعدسةَ والزّومَ، والأصلَ والأصالةَ والمقدّسَ، الصّدقَ والقصيدةَ، وجغرافيّةَ المكانِ، وإيقاعَ الزّمانِ  وتذبذبَ الإنسانِ، وحيرةَ الوجدانِ إلى جانبِ البحثِ في الوجودِ، من خلالِ الكلِّ وصولا إلى الفردِ، والمفردِ الكلِّ، والاحتفاءِ بسائر الأجناسِ من القصيدةِ مرورا بالخاطرة والأحاديثِ والفلسفةِ بالخوضِ في الوجودِ  والاستنجادِ بالإله، وباستدعاءِ الأسطورةِ، من خلال إلهةِ الحبِّ الخصبِ عشتارَ، وفكرة الوحدةِ والتّوحّدِ، من خلالِ التّأكيدِ بأنّ بيروتَ هي أمّهُ، ففي هجرةِ القمرِ، ظلمةٌ وقتامةٌ وانتظارٌ وأملٌ في عودةٍ تتجلّى في تكرارِ ملفوظٍ (القمرِ)، وعطفه على (الأنتِ) تلك الأنتِ المقدّسةُ الإلهةُ، و(الهي) الأرضُ والموطنُ والوطنُ، والمرسَى والشّاطىءُ والسّفينةُ والبيتُ والقمرُ والضّياءُ والأملُ والحضنُ والأمُّ والحبيبةُ والقصيدةُ والخاطرةُ  والأحاديثُ والجعبةُ وعيناكِ…

هنا أيضا من خلالِ ترتيبِ القصائدِ يتجلّى لنا التّناظرُ اللّفظِي الجزئِي في “لعينيك” أوّلُ قصيدةٍ في الديوانِ، تلك الواردةُ في الصّفحةِ العاشرةِ، وكذلكَ من خلال قصيدةِ “في عينيك” الواقعةُ في آخرِ التّرتيبِ الواردةِ في الصّفحة 124،

أمّا إذا نظرنَا إلى العنوانينِ على أنّهمَا مُركّبٌ جرِّي، فيستحيلُ التّناظرُ تناظرا كلّيا، يغنينا عن التّمييزِ بين حرفيْ الجرِّ (لِ) و(فِي) كشاطئين يتنقّل بينهما، “آدون الشّاعر المغترب” ربّانُ وقبطانُ السّفينةِ الهاربِ الحائرِ والباحثِ عن الحقيقةِ، وعن كيفيّةِ إيجادِ صيغةِ تعبيرٍ، يتمكّن بواسطتِها إثباتِ وجودهِ، ووجودِ أمّةٍ عربيّةٍ، لنفضِ غبارِ النّسيانِ عنها، ليتصدّر العربي في قادمِ الزّمانِ، ليحسم أمر السّيادةّ ويتزعّم الرّيادةَ والقيادةَ في سائر المجالاتِ، من عالم الفضاءِ إلى باطن الأرض وعالم البحارِ لضمانِ خلودٍ كخلودِ الآلهةِ، فآدونُ مهاجرٌ في بحرِ أمواجِ عيني حبيبتهِ، يروي لنا رحلتهُ، زادُه الحبُّ والأملُ، يصارعُ الصّعابَ، يخوضُ أهوال الهجرةِ، أملهُ في العودةِ إلى مرسى السّلامِ مدينةِ السّلامِ كبيرةٌ… بيروتُ مدينةُ عشتارُ… معتزٌّ مفتخرٌ بأنّه عربيٌّ، سلاحهُ كلمةٌ وحسنُ نظمٍ وتوليفٌ بين شرقٍ وغربٍ، رافعا رايةَ سلامٍ عبر قصيدةِ “حينما تحزِنُ عيناك” تلكَ التي جاءت  جملةً منقوصةً بالقصدِ، لمنحِ الآخرَ فرصةَ التّدخّلِ، بغايةِ تشكيلِ خاتمةٍ، تكونُ بدايةَ تاريخٍ وحكايةٍ تؤسّسُ لغدٍ أفضلَ، لإنسانِ أسعدَ، مُحبٍّ لأخيهِ الإنسانِ، شعارهُ الإنسانيّةُ، لاغ نرجسيتَه ناسٍ غُربتَه، محبٍّ للآخر ( إنسانا كانَ أم حيوانا أم طبيعةً) حيث ما كانَ لاجتثاثِ الظّلمِ والطّغيانِ واحتلالِ الأوطانِ زورا وبهتانا…

 

نمرّ إلى استعراض عناوين القصائد في نفس التّرتيب الواردة به في المجموعة الشّعريّة:

 

* لعينيك: ( مركّب جار ومجرور)

 

* بيروتُ… (مدينةُ عشتارُ):

عنوان متشظّ، جملة اسميّة مبتدأ وخبر وردَ في شكل مركّبٍ إضافي.

 

* القبطان: اسم.

 

* حينما تحزن عيناك : ظرفُ زمانٌ، جملةٌ ناقصةٌ بالقصد لحمل القارئِ على إكمالها.

 

*وداعا يا قلب: جملة اسمية مبتدأ مؤخّر.

 

* وأنت الوجود: جملة اسميّة مبتدأ وخبر.

 

* عذرا حبيبتي: جملة اسميّة مبتدأ مؤخّر.

 

* أنت والقمر: مركّب بالعطف.

 

* بيروت أيا أمّي: منادى.

 

* هجرة القمر: جملة اسميّة في شكل مركّب إضافي.

 

* في بيتنا القديم: مركّب نعتي جملة ناقصة.

 

* عربي أنا: جملة اسميّة مبتدأ مؤخّر.

 

* في جعبتي: مركب جرّي

 

* ظنّو أنّني ثائر: جملةٌ فعلية

 

* ضوضاء: اسم 

 

* يا إلهي: منادَى قد تفيد التّعجّبَ تنقصها علامة التّعجّب.

 

* أحاديث: اسم.

 

* قصيدتي: مركّبٌ إضافي.

 

* صدّقيني: مركّب إضافي.

 

* خاطرة: اسم.

 

* أحببتك: جملة فعليّة.

 

* أتصفّح: جملةٌ فعليّة.

 

 

* أحبّك: جملةٌ فعليّة.

 

* في عينيك: مركّب جرّي.

 

 

 

مدخل تاريخي لفهم الصراع القائم في المنطقة:

إن العرب خلال الاحتلال العثماني

 كانوا طُعما لسياسات استعماريّة مقنّعة استغلت الخلاف القائم بين العرب والأتراك  قام الغرب على تفعيله ووجّهوه  بعناية ضدّهم تحت بند “حسن النيّة”، بعد أن درسوا  بيئتهم وتاريخهم وثقافتهم ودياناتهم وطريقة عيشهم، وكيفيّة استفزازهم، بحيث عرفوا عنهم كلّ صغيرة وكبيرة بفضل أجهزتهم المخابرتيّة والبشريّة ومعدّاتهم  الإلكترونيّة والعسكريّة، غير خارجة عن طوع قياداتهم، المخلصين لأوطانهم  المؤمنين بقضيّة الحرية، من منظور غربي صرف يحمي مصالح غربيّة، مع الوعي والإدراك  باستنزاف شعوب خلقت لتُنهب من طرفهم لأنّهم لا يصلحون حسب رأيهم  للقيادة، بل هم للانقياد أقرب يسهل إخضاعهم وتركيعهم، ذلك أنهم في حالة تأهّب قصوى  لخيانة شعوبهم، يسلّمون للغريب رقابهم  لحسن نواياهم به، رغم أنّه تاريخيّا مصنّف عدوّهم اللّدود، فنراه يقبل تخوين أخيه وابن عمّه، لما لمسه في ذاته من استعداد وقابليّة للخيانة، خوفا من أن ينازعه على العرش،  والسّلطة، لذلك نراهم يصدّقون الغريب وإن قدّم لهم السُّمّ في العسل، ويعادون القريب من أجل وهم كسب زهيد أو معدوم أو ربما مريب، قد لا يغني ولا يشبع من جوع، فقد يتواطأ مع الغرباء ضدّ مصلحة بلاده

عن قصد أحيانا، مثلما حصل مع ملوك الطّوائف بالأندلس، عند سقوط غرناطة، عندما تآزر بعضهم مع الملك ألفونسو السّادس، وكذلك الملك فيصل الأوّل المذكور سلفا  للأسف، والذي صدّق حسن نوايا الضابط العسكري البريطاني العميل المخابراتي لورانس الملقّب بلورانس العرب الذي يعترف  في مقدّمة كتابه “أعمدة الحكمة السّبعة” بأنّه قد انتدب للعيش مع هؤلاء العرب كغريب بينهم عاجزا عن مجاراتهم في التّفكير والمعتقد مجبرا على تدريبهم وتوجيههم في الاتجاه الذي يتّفق مع تقتضيه مصالح بريطانيا المتحاربة مع عدوّهم” -ويقصد بذلك تركيا حليفة ألمانيا عدوّة بريطانيا- وإذا كنت قد نجحت على الأقلّ في إخفاء شخصيّتي عنهم وقد استطعت أن أندمج كلّيا في حياتهم، دون احتجاج ولا انتقاد، وبما أنّني كنت رفيقهم فلن أحاول اليوم وقد عدت لارتداء الزّي البريطاني، لن أحاول الثّناء عليهم أو الدّفاع عنهم، بل سأحرص أن أصوّر الأحداث كما عشتها بالفعل”، وياعتبار أنّ التّاريخ يكتبه المنتصرون، فهل فعلا ما ذكره كان الحقيقة؟ أو أنّه أراد تسويق وَهم الحقيقة والموضوعيّة.

ونتيجة الجهل وعمى البصيرة يفعل

الجاهل بنفسه مالا يفعله به العدوّ، كلّ ذلك من أجل الفوز بكرسي  وإن كان الكرسي أعرج أو أعمى، لذلك نرى البعض سارعوا وتسارعوا لنيل رضاء الغريب، فرتّبوا لهم الأمور، وقرّبوهم منهم، وبجّلوهم بشكل جعلوا منهم أبطالا ناصرين لهم داعمين لسياساتهم، بما يتماشى ومصالحهم، مثبّتين لكراسيهم، فباتت تلك الأوطان مرتعا ومنبتا  لصراعات إقليميّة جيوسياسيّة، بعد أن زرعوا الفتنة بدعوى حماية العرب من الأتراك الذين يريدون طمس هويّتهم العربيّة، حسب زعمهم، فقُسّمت المنطقة العربية  إلى ملل ونحل مع تغذية نار الفتنة، وحمل كمال أتاتورك على  التّفويت في المنطقة العربية برمّتها، مشجّعين البعض على التّناحر فيما بينهم، موفّرين لهم السّلاح مع تدريبهم على استعمال الأسلحة الحديت بعد قرون من التّعايش بين هاته الفرق والأحزاب والطّوائف فباتت المنطقة، وكرا لتّتدجين والتّهجين، لفصائل متعدّدة، فخرجت أحزاب تدعوا إلى القوميّة والهويّة العربيّة في النّصف الأوّل من القرن العشرين، ولكن سرعان ما انحلّت واندثرت لفقدان معناها ولعدم إخلاص أصحابها، فخلفهم قوم جاؤوا من بعدهم، أساؤا للدّين  تبنّوا فكرة الجهاد في سبيل إعلاء راية الإسلام ، فكانوا أسوَأ رمز وأسوَأ لعنة، قدر لحقت بالمنطقة على مدار حقبات متباعدة، فكانوا وكأنّهم منبتّين عن فصيلة  البشر، قريبين من مصّاصي الدّماء متاجرين بالأجساد والعباد مختفين وراء الذّقون يغلب عليهم انتهازيّة أصحاب المصالح المتطرّفين، رغم أنّهم جاؤوا من أرحام أمّهات بشر مثلنا، لكن يبدوا أنّهم كانوا من نطفة  مستنسخة، (كالنّعجة دولّي)المهجّنة في صائفة 1996، التي صادف موتها سنة 2003 الموافقة لسنة  سقوط بغداد، فقد نشأت حركات دينيّة مجهولة النّسب، مدسوسة  على الإنسانيّة في المشرق، نمت وترعرعت مع بداية ظهور ظاهرة الاستنساخ المشار إليها، والتي  تواصلت بعدها…

وبذلك وقع العرب مرّة أخرى فريسة  في يد الغرب الذين يقودونهم كالنّعاج من رقابهم  على حساب مصالحهم، ناسين، أو متناسين ما حصل  وما قام به رجل المخابرات البريطاني لورانس العرب، الذي ذكر في إحدى فصول كتابه المشار إليه سابقا، كيف أنّ الملك فيصل-ثالث أبناء شريف مكّة- اقترح عليه لبس ثياب أهل الحجاز، ما مكّنه من تسهيل مهمّته فوفّر الجهد والوقت والمعاناة بالتّحرّك في المنطقة والقيام بالجوسسة بطريقة أسهل، لفائدة المهمّة التي انتخب وانتدب  من أجلها، فبدلته العسكريّة كانت ستقف حاجزا بينه وبين أهل الحجاز، حتى أنّ أحدهم ممّن انطلت عليه الحيلة، أو اللّعبة أو الخيار الذي انخرط فيه بالصّدفة، سأله ببراءة السّاذج، (لماذا لم تعتنق الدّين الاسلامي إلى حدّ الآن؟.) ذلك أنّه لم يكن يخطر بباله أن ادوارد  لورانس طيلة تلك الفترة كان عينا عليهم وجاسوسا استساغ فكرة  اللّباس العربي، التي مكّنته من  التّحرّك وسطها في المنطقة من دون أن يثير شكّ وريبة القبائل

 

١’

الفكرة:

 

.

 

 فآدون الشاعر المغترب، ما هو إلّا الصّورة المعكوسة لكلّ مغترب عانى ويعاني من أثر  السّفر والقهر  المقترن بالهجرة المفروضة، هروبا من الموت المحقّق، جرّاء تفكّك حكومات واغتيالات لرؤساء، وزعماء أحزاب، أنتجت حروبا أهليّة وصراعات في المنطقة  هيّأت لمجزرة (صبرا وشتيلا و غيرها )، كالغارات  الإسرائليّة على مدن الجنوب اللّبناني، في العشريّة الأولى من القرن الحالي… وقد استطاع الشّاعر أن يفلت من الموت، أكثر من مرّة. الشّيء الذي يفسّر هجرته إلى كندا غير أنّ فكرة العودة هاته، ظلّت تراوده، ومع تقدّم العمر، يزداد التّشبّث بها و يتمسّك  بالحلم الذي بات هدفا يتنفّس به ومن أجله  ويحيى من خلال التّوسّل بالأسطورة بالرّمز بالآلهة (آدون) عند السّاميين الإله الشّاب المعروف  بأدونيس عند اليونانيين وب(تمّوز) عند البابليين. نلاحظ مدى ارتباطه بالماضي للحفر في الذّاكرة في ما قبل التّاريخ بأظافره وكأنّه يحفر  في الصّخر، بقصد البحث عن  التّوازن الرّوحي  والإيقاعي الإبداعي، انسجاما واتّساقا، مع الذّات والجسد، بحثا عن الخلود، من خلال التّلمّس والتّحمّس لبثّ الأمل في النّفوس لاجتثاث الشّعور بالقهر واقتلاعه، من منبته من عمقه من (قعر) الذّات من خلال النّفخ في مزامير الحروف لعزف سنفونيّة السّعادة من فوق ركام، وحطام الجُثث والضّباب، النّاجم عن  الدّخان الخانق القاتل، الذي خلّفه قصف الطّائرات الحربيّة، الحاصدة للرّؤوس النّاثرة للأشلاء المخلّفة، للقهر لبكاء الأرامل والثّكالى لفقد عزيز حبيب أو حبيبة عمّ أو عمّة، خال أو خالة، جار أو جارة، فيتعالى الصّياح والعويل والبحث عن جثّة مفقودة وسط الرّكام وصخب ضجيج المدافع، وأزيز الطّائرات، القاصفة للأمكنة المُوقعة بالعمارات حطاما يخفي جثثا مفقودة جرّاء الهدم المباغت والرّدم.

٢

 

عمق معاناة العربي من خلال قصيدة (ظنّوا أنّني ثائر…):

 

لقد لخّصت قصيدة (ظنّوا أنّني ثائر…) عمق معاناة العربي وغربته في الدّاخل والخارج، التي ما كانت لتكون لولا غرس الصّهيونيّة في المشرق العربي، ومن قبلها استعمار  الدّولة العثمانيّة التي كانت ترمي  بالأساس إلى طمس الهويّة العربيّة، فمنذ هولاكو والعرب لم ينجحوا  في الخروج من جلباب دور  الضّحية، فكأنّي بالعربي لا يتقن غير هذا الدّور، فعمل الكلّ بمؤازرة الدّهر على تضييق الخناق عليه، كما طلبوا منه أن يسكت عن نظريّة المؤامرة،  معتبرين إياها شيطنة منه… بالرّغم أن قادتهم وثّقوا سخريتهم من العرب بأياديهم… ضربونا وحرمونا حقّ الردّ. فكأنّ لعنة السّماء قد حلّت بالعربي، فهو إمّا أسير مجروح، أو مهاجر عنوة فاقد مقروح، أو شهيد استّنزف دمه  فحتى لغته وحروفه لقيت نفس المصير، فمنذ أن أَلقى هولاكو بمكتبة بغداد في نهر دجلة والفرات، وحروفنا تبكي حظّها وتئن سوء طالعها، بعد أن سال حبرها، وتماهى مع  دماء شهداء العرب في كلّ قطر بعد أن قسموا ظهره، وتقاسموا خيراته وقسّموه إلى  دويلات، وجزّؤوهم جزيئات، وزرعوا  الفتنة بينهم والحقد والضغينة، مثلما أيقظوا الحماسة لدى بعض الأقلّيات من الخليج  والمشرق إلى  المغرب، للمطالبة  بإحياء لغاتهم القديمة نكالة في الحرف العربي، الذي يجمع تحت رايته عربا من الخليج إلى المحيط هل هو الحسد؟.. أم سوء تصرّف العرب أنفسهم؟…

 لقد صار العربي لا ينتظر محتلّا طامعا من تلقاء نفسه… بل صار هو من يستنجد بالمستعمر لكي يستعمره، مستعينا به على بني جلدته ولغته لتثبيت عرش واهٍ…

 سقت حروف الكتب والمجلّدات  مياه دجلة والفرات، كما سقت  دماء الشّهداء الزّرع والأرض واختلطت المياه الطّاهرة بمياه الصّرف… فتدنّست التّربة وكذلك ضريح  الشّهيد، أَلبسوه العديد من التّهم كما ألبسوا لغته وديانته العنف والتّخلّف… فبكى الدّهر وناح  على أمّة لم تستطع إلى اليوم أن تلملم جراحها ولم تنجح إلّا في تفعيل طاقاتها نحو القمع والاضطهاد وشحن الغيض والغلّ ضدّ أبنائها…

 بات العربي مهدّدا في نفسه وعرضه وماله حيث ما كان،  فتحوّل إلى مهاجر بسبب الاستعمار أو  بسبب القمع فتاه وضعف تلاحقه تهمه حيث ما حلّ..

 فغابت عنه الحكمة بعد أن صار منعوتا محكوما عليه، تاه وتاهت عنه السّبل وحجبت الرّؤيا بعد أن صار ريشة في مهبّ الرّيح الكلّ يتقاذفه، محكوم عليه إلى الأبد في قضيّة إلى اليوم لم يعرف كيف يمسك بأطرافها… ليستوعبها أوّلا كيف حصلت؟… ومن ثمّ الاقتناع بها، لإقناع الرأي العام الدّولي بأهميّتها… وأنّ في علاجها إحدى سبل الخلاص من العقدة… ستكون إحدى السّبل المؤدّية إلى إعادة بناء الإنسان العربي والإنسانيّة قاطبة، لأنّها بالحرف والكلمة والفعل  ستعطي للعدالة معنى… وسوف تعيد للإنسان الثّقة في شعارات إنسانيّة باتت خرقة بالية  كالديمقراطية والحرّية وحقّ كلّ إنسان في الحياة بإعادة تفعيلها وتثبيتها من جديد كقيمة إنسانيّة كبرى بعد أن كساها الغبار فبقيت حبرا على ورق.

فالعربي منذ  ولادته  وجد نفسه  موصوفا ب(الثّائر) من دون علمه… لم يقدّم أيّ وثيقة تثبت ذلك… غير أنّها صفة  التصقت بهويته للتّخويف   لتأليب العالم ضدّه…

رغم أنّه  يتمنّاها… كم يتمنّى العربي أن يكون  بالفعل ثائرا فاعلا غير مستسلم راضخ، وكأنّهم {ضربت عليهم الذلّة والمسكنة…}

 

منذ ولادته كُبتت صرخته الأولى، قَدم من الهناك غائبا مغيّبا فارق الحياة، منذ أمد… لا بل فارقها من قبل أن يولد…حتى أنّهم شيّدوا شاهد قبره من دون أن يدري أنّه عاش وذاق سكرات الموت… ذلك أنّه ميّت قبل وأثناء وبعد ميلاده… فقد حمّلوه ما لا طاقة له بحمله… وكم أوهموه بما لم يكن بعد أهل لحمله… نفخوه كبلونة ودفعوا به إلى  نيران حروبات  أوهموه بأنّه قادر مقتدر جبّار… مزعج للأهل وللجيران مقلق احتارت في أمره الدّول… والحال أنّه هشّ عوده غضّ لم يكتمل بناؤه،  فتصدّوا له بكلّ الثّقل،  وهم متأكّدون بأنّه دون ذلك بكثير… فهم يعلمون أجل يعلمون… صيّروه من الأموات  وبات دينه قرينا بالإرهاب، كما صار عنوة بلا  هويّة ولا عنوان ولا مأوى.  فخارج سجن السّجان يرفع  علما أبيضا راية الاستسلام، كما صارت حياته وثقافته بياضا، كثوب أبيض بدون تاريخ ولا  علامة… كصحيفة بيضاء، ظِلّ كفنٍ  ملطّخ  بدم من استشهدوا على دفعات… عربي سُرقت أرضه وسرقته الأيّام والزّمن ابتسامته… وأوقفت ساعة زمانه… كما  سُرقت هويّته… قسرا بفعل  تدمير معالمه، وتغيير عاداته برضائه، بعد سلبه إرادته وإرادة حبّ الحياة لديه،  بجعله بيدقا حينا  بابتزازه حينا آخر بمعسول الكلام والتّمويه… مثلما فعلوا في نطاق التّبادل الحضاري وتزاوج الحضارات فسلبوه  “مسلّة معبد الأقصر” الشّامخة الآن في سماء ضاحية كنكورد البريسية وحيدة يتيمة غريبة مسلّطين عليها الأضواء كزعيم سياسي أفل فكره، وبات ذكرى محنّطة كحضارة باتت في قبضة أيديهم… سلّة بعنوان هديّة…بعنوان تبادل الثّقافات أقصد سرقة الحضارات… وطمس الهويات… بعد أن اقتلعوها من منبتها وشيّدوا لها قاعدة ثانية ليُثبتوا للتّاريخ قدرتهم… ففرّقوها عن توأمها على باب المعبد  التي كانت تستعدّ للّحاق بها لولا تكلفة النّقل الباهضة  وتنازل الرّئيس الفرنسي  شيراك عنها في عهد السّادات الذي استطاع الاحتفاظ بها… بعد أن فرّط في نظيرتها  محمد علي باشا لفرنسا بإرادته، وأهدوا الاسكندرية بدلها  ساعة جامدة مجمّدة التّاريخ، كلّفت الدّولة المصريّة المال الكثير لإصلاحها من دون فائدة… جاءت لتعدّ أنفاس الزّمن باللّحظات في سماء الاسكندريّة، فكتم الزّمن نبضات  دقّاتها وأخرسها إلى الأبد،  فصارت إحدى مومياءات نفايات الزّمن الحديث، شاهدة على عدم صدق النّوايا… وإنّنا صرنا مدفنا للنّفايات…

ساعة فرنسيّة أوقفت زمن العرب بتواطؤ مع العرب…

٣

بعض خصائص المجموعة الشّعريّة:

 

انبنت القصائد على الصّور الاستعاريّة الشّاعريّة المكثّفة، ذات الرّمز الانزياحي لكينونة الدّلالة، في مساراتها الممكنة، الحمّالة للأوجه الولّادة للمعنى، المنفتحة على الحاضر باستدعائها لكلّ الأجناس الأدبيّة والفنّية، وتداخلها مع بعضها البعض، مؤلّفة بذلك باقة شعريّة شاعريّة، جيّاشة قادحة للذّهن وقّادة، حديثة مضيفة صورا شعريّة مجازيّة نابعة من صدق ترجمة اللّحظة الانفعاليّة للّقطة الملتقطة، المقتطعة من الزّمن، في لحظة تاريخيّة فارقة، متفرّدة في التّعبير  كقوله:”أُحبّكِ وأَعرفُ أنّ شمسي ترتدي اللّيل… وهناك ألف نجمة… تضحكُ ثمّ تبكِي” مشهديّة على قدر عال من الجودة من حيث تأثيث الفضاء الرّكحي البانورامي،والإضاءة إضافة إلى سرعة حركة تنقّل عدسة الكميرا ساعده في ذلك الإيجاز، رغم بعد المسافة الفاصلة بين السّماء والأرض والزّمن الفاصل بين اللّيل والنّهار ورحابة صدر السّماء، بجمع  ألف نجمةٍ ورصد حالتها، في محاولة لتكثيف الصّورة في الذّهن  لإضفاء جمالية إبداعيّة تبرز تمطّط اللّغة وتماهيها مع ريشة الرّسّام وألوانه وتفوّقها عليه بتحريكها، ببث الرّوح فيها بتفعيل انفعالاتها وتسجيل حركتها وسكناتها، ما أبرز نقاوة وضوح الصّورة المكثّفة ودقّتها المنسجمة رغم سرعة حركتها في مفارقتها وتقابلها، ذات المعنى الارتدادي،  الذي بدا فيه التّناظر واضحا جليّا، بالجمع بين المضمر والمحبّر بين الظّاهر والمحذوف، محضرا الحياة بالحبّ وحضور ال”أنت” في الضّمير المتّصل ال”كاف”  من خلال أحبّ(ك)، مغيّبا الفقد  والموت  بالتّشظّي في النّقاط المتتاليّة، جاعلا من المتلقّي راءٍ، عنصرا أساسيّا وطرفا مشاركا  لإبداء الرّأي والتّحليل، تُظهر مدى اعتناءَ الشّاعر  وانفتاحه على نظريّة التّلقّي، لذلك نراه يعمد إلى رجّ هذا الأخير وشدّه، من خلال إحداث   المقابلة، للمحافظة على عنصر الدّهشة والإثارة  للمشهد الدرامي، في تقابل الضّحك مع البكاء، ليرجعنا للصّورة المجازيّة الاستعاريّة العجائبيّة الغير قابلة للتّحقّق في الواقع، المعاضدة للتّخييل، لانفلاتها عن قواعد الطّبيعة، رغم اتكائها على عناصرها، فأنسن الشّمس لتصبح مُلكا له أي ل(الأنا) كعبد على ذمّته  أو كظلّ تابع  له، لا يفارقه، ف”يرتدي اللّيل ثوبا، جاعلا بذلك من  اللّيل دالّا ومدلولا، منفتحا على سياقات مختلفة، يخضعها المؤوّل لقصديّة السّياق، الذي وظّفت من أجله ولأجله، بحيث تكون منسجمة مع الاستعارة الكلّية للفكرة والموضوع، داعمة للاستدلال والحجاج. وقد اعتبر الدّكتور  مديح صادق هذه الاستعارة كناية  في تقديمه للمجموعة الشّعريّة  ووصّفها  بأنّها ” كناية غير مسبوقة” وهذا تأكيد للصّورة الإبداعية المبتكرة للشّاعر التي تثبت مقدرة الشّاعر  على إنتاج الصّورة  وخلق الدّلالة… مع جعل المتلقّي يصدّقه، من خلال انقباض تقاسيمه وتقطيبه لجبينه خوفا واستشرافا، لما قد يحصل في المستقبل، تعاطفا مع الشّاعر، الذي ينبض حياة، حركت كلماته  شغاف قلب الجمهور، لتتناغم المشهديّة مع  الكينونة البشريّة المترجمة في القصيدة حبّا للبقاء بتشبّثه بفعل الإحساس باللّحظة الحاضرة  النّابعة من قلب المتكلّم الأنا الشّاعر   الخافق  المتلفّظ  همسا بكلمة  أحبّك  المخاطب لأنثاه حبيبته   استجابته لنداء صيرورة الحياة وسط ديمومة واقع غابت شمسه منذ مدة  واختفت خلف ظلام  موحش فكأنّ الشّمس بضيائها  وإشعاعها لم تعد قادرة  على بسط أشعّتها على الكرة الأرضيّة للتّنعّم  بنورها نتيجة للضّباب وللدّخان النّاجم عن القصف المتكرّر، الذي عاشه وعايشه أزمنة الحرب، فصار يسكنه بداخله، محدثا ضبابيّة، وظلالة مظلِّلة لجهاز استقباله البصري  فحجب نور الشّمس  عنه، لذلك لازم ليله نهاره، ليصبح الظّلام كظلمة ليل دامس كقبر تُفقد الأشياء رونقها وصفاءها، فالقتامة  كست الأمكنة ولكنّها ما غشيت قلبه العاشق لحبيبته لوطنه، وما كبّلت صدق تعبيره بما يجيش في نفسه من إحساس،  محدثا موجة إيجابيّة علّها تكون طالع خير وتفاؤل  للنّفوس …. كنجمة ضاحكة في قلب السّماء كالثّريا متلالئة…

 

  لاحظنا أيضا حسن تفعيله للحواس التي ترأس وتترأّس كلّ إحساس، لذلك حرص على  توجيه عدسته ووضعها في الزاوية المناسبة، بحسب الحاجة التي تخدم فكرة المغترب البعيد عن الدّيار، الفاقد المفقد للأمكنة، المفجوع في أحبّته المكلوم، الجاذب معه عبر ذاكرته  للرّوائح، والألوان، والأصوات، والذّوق، والطّعم، المستحضر عبر الذّاكرة مشاهد متناثرة علّمت وشما  في ذهنه ووجدانه، قسّمها سيناريوهات ولقطات، وركّبها  لوحات فوتوغرافية، ومشاهد سينمائية،  وأخرى فوتوغرافية ومسرحيّة أطّرها تأطيرا يليق بواقع الحال المنفتح ، مزج بينها بحسّ روحه المرهفة، وحبّه للحياة ومقته للدّمار، وافتتانه باللّغة وبعده على تنميق الكلام المقعّر، واكتفائه بتبليغ روح فكرته بأبسط الكلمات المنتقاة بعناية مهندس ذوّاق،  يُدَوزِن بين  الكمّ والكيفِ بعيدا عن الاستعراضات الرّكيكة المنفّرة للقارئ المعيقة لتتبّع  استرسال المعنى…

إنّ تداخل الأجناس بتقنياتها المتعدّدة تظهر في مغازلة الماضي عبر استحضار الأسطورة واستدعاء رموزها مستحدثا واقعا تجريبيا خاصّا بالقصيدة   بحثا عن الخصب عن الأمل  لردّ النّحس  استشرافا للتغيير  لتأمّل الخير في المستقبل

وعلى سبيل الذّكر لا الحصر أذكر  قصيدة “لعينيك” ص 10 وكذلك “بيروت مدينة عشتار” ص 14 و”تنتظر الموعد” ص30 وغيرها

 

٤

منطق جماليّة قصيدة النّثر، في مستوياتها المتنوّعة:

 

– انفتاح قصيدة (ضوضاء) على الأجناس الأدبيّة :

– جماليّة الصّور الشّعريّة والتّشويق  وفنّ التّركيب والإخراج

– يحضر المتاشعري بوضوح في قصيدة “ضوضاء” ص 94، التى

تروي مأساة وطن تعرّض لقصف غادر من جهة غادرة، ينقل الشّاعر الخبر مازجا بين صورة الواقع كما عاشها،  والتّخييل الذي استحال كابوسا مرعبا، بفعل قوّة درجة  الانفعال والتّوتّر التي فاقت درجة تحمّله، ما حمله على المغادرة والهجرة، حاسما أمره، باحثا عن مكان  يكون أكثر أمنا، جامعا أغراضه وما تبقّى لديه من قوّة، تاركا لنا تخيّل نسبة ما فقد منها، كما أشار  إلى ذلك الشّاعر “الأنا” -الكلّ في صيغة المفرد -في مطلع قصيدته، رادّا النّهاية على البداية، على غرار ما يحصل عادة في الرّوايات البوليسيّة  حيث يقول:

 

“أحمل

ما تبقّى لي من قوّة

وأذهب…”

ثم يردف:

“حصل ما حصل

.دون إذنٍ”

ثمّ ينطلق بعدها في سرد الخبر في صيغة الحاضر، خطاب يزاوج بين التّسجيلي والإنشائي ينقل الخبر مضمّخا بمشاعره، مخضّبا بشاعريّة الصّورة الاستعاريّة، يزيدها الخيال والإيقاع رونق جماليّة لذّة الإبداع للاستمتاع  بعمق المعنى، في رصانة بساطة اللّفظ، ودقّة تطريزه، ما يجعله من السّهل الممتنع، يصف فيه المشهد بقصد التأمّل، للتّوثيق التّاريخي، بغرض الاطلاع وإبداء الرّأي وأخذ العبرة، بغية الحكم والاحتكام، ليكون شهادة على العصر. فصفة الشّاعر، تمنعه من نقل الخبر مجرّدا من نبض اختلاج القلب ، لذلك نراه ألبس نقل الخبر، حلّة مضمّخة بشعوره في حبكة سرديّة تغازل المقالة في الغياب، عبر الإيحاء، في حضور ملفوظات “أخبار” “الأخبار ” و”الصّحيفة”، إيغالا في السّخريّة من لا مبالاة المجتمع الغربي، لما يحصل من حرب إبادة، وقهر وظلم، وانتهاكات للقوانين الدّوليّة، في الهناك سواء في موطنه أو في بعض المناطق العربيّة  المجاورة.

 

فالصّحف في المهجر في كندا تولي عناية لتتبّع أخبار السّعادة والأفراح والمسرّات إيغالا في السّخريّة من عالم لا يأبه بمآسي الآخرين في الضّفة الأخرى، حسب ما يتبدّى في  قوله في الصّفحة  99:

 

“أبحث في الأخبار

في الصّحف

عن موطني

ولا أرى سوى أخبار عرس هنا وهناك…

الوطن بعيد

وأخباره بعيدة…”

فمن خلال ذكره “لأخبار عرس” يتبيّن لنا مدى تثبيت زوم الكاميرا على  سلبيّة العالم وكذلك الصّحف، ومدى عبثيّة الكون من خلال تتبّع  أخبار… عرس واحد… التي قد تكون  تتعلّق بمتابعة وتصيّد إحدى زيجات بعض المشاهير، أو بعض الزّعماء  كأن تهتمّ بمن حضر الاحتفال، ومن غنّى فيه، ومن قام بتقديم هديّة للعروسين، ومن تمنّع؟، ومن خاط للعروس فستان الفرح؟… وكم كانت تكلفته؟ وعن نوع السّيارة التي أقلّت العروسين إلى النّزل، أو إلى المطار؟ وعن شهر العسل أين قضّياه؟… بينما في الهناك، في موطن الشّاعر وفي المناطق المجاورة أوطان تستغيث، ولا من مغيث… يوأد أطفال من دون ذنب… وتُباد في الأثناء أعراق… وتحرق بالكيميائي أحياء… إلى درجة أنّنا كدنا نشتمّ رائحة الشّواء تخرج من القصيدة… ونرى ثعابين تنفخ السّمّ بألسانتها، على ألسنة اللّهب، لتشعل فتيل الحقد بين الأجوار، وثعالب صحراء وذئاب مكشّرة عن أنيابها، تترصّد التّوثّب للهجوم… لإعدام أبرياء… وأبناء بلد صاروا أعداء، وكأنّه يلمّح بذلك  إلى أنّ صحف بلاد الغرب في المهجر، لا يعنيها أمر التّطاحن في موطنه،  فلا تعبأ بصراخ  الثّكالى ولا بدموع الأرامل ولا حتى بنحيب اليتامى… ما جعل مجرمي الحروب يتلذّذون بجرائمهم، بتسليط ألوان العذاب والقنابل لتعذيب العباد، ونشر الرّعب، بين أفراد الشّعب،  فيعبثون بأرواح الخلق… محضرا بذلك جنس القصّة عبر التّشويق والتّخييل والدراما، بتطريز اللّفظ وتنميق العبارة وتزويقها، في تعميق معناها، بإعادة تركيب الواقع مع التّدقيق في شحنها بدقّة وعناية  للتمعّن بقصد إنتاج صورة حيّة متحرّكة، تتنفّس عبر حركة سالبة، وأخرى موجبة، كالشّهيق والزّفير، أو كمدّ وجزر مياه البحر، لذلك نراه أحضر التّضاد بجمعه ملفوظي (مبكية، مضحكة) للإثارة والتّوتّر، لينفتح بذلك الشّعر على أترابه من الأجناس الأخرى. كلّ هذا زاد في شدّ وتشويق المتلقّي، إذ نجد توصيفا دقيقا للّقطات، في مشاهد مقطّعة يسرّعها حينا باتّكائه على أفعال الحركة… ويبطئها حينا آخر، بجلب صورة شعريّة استعاريّة منفتحة، ولّادة… يشغل بها هذا الأخير، ليتمعّن فيها عن قرب،فيضفي بذلك على المشهديّة حياة، مؤثّثا بذلك منطق جماليّة قصيدة النّثر، في مستوياتها المتنوّعة، بدءا من الإيقاع، مرورا بالبلاغة، وصولا لبلورة الرّؤيا، انطلاقا من “الأنا” “الفرد”، الذي استوعب واقعه وتشرّبه، بحيث أصبحت له رؤياه الخاصّة، وبالتّالي صار قادرا على حدّ قول سارتر أن : “يكشف العالم وخاصّة الإنسان بالنّسبة إلى بقيّة النّاس”، لكي يتّخذ الآخرون – وقد واجهوا الموضوع المُعَرّى – كامل مسؤوليّاتهم”، إنّ كلّ أثر أدبي هو  إذن نداء ” لأنّه يقترح العالم كمهمّة تتعلّق بمروءة القارئ وحرّيته”،  كذلك فإن نتاجا فكريّا ما يستهدف دائما جمهورا خاصّا يعبّر عنه بطريقة ما، ويشتمل هو نفسه على صورة عنه” – منقول من الصّفحة 109، النّقد الأدبي لكارلوني وفيلو، ترجمة كيتي سالم الصّادر بالدّوحة سنة 2019 . هديّة مجلّة الدّوحة. انتاج النّقد البحت لسارتر، عن كتابه ماهو الأدب؟ وكذلك كتابه عن بودلار…

لهذا نرى الشّاعر ناصر زين الدّين يستنجد بأسماء الأفعال والمصادر،  ملصقا المقاطع في توليف سينمائي، مظهرا مقدرة في الإخراج، وحسن توظيف” وضعة الكاميرا” poses – حسب سعيد بن كراد-، بشكل تحمل المتلقّي على التّأمّل بجدّية، تاركة  في نفسه حزنا وألما، غبنا وقهرا، على أرواح تزهق هدرا وعبثا، دون إذن مسبق غدرا، من دون ذنب، خاصّة وأنّهم ليسوا جندا في ساحة وغى، ليجعلنا بذلك نتساءل، عن معنى مفهوم النّصر؟

 

 

 5

 

ومنطق الرّبح والخسارة؟ في الحروبات وما الفرق بين الجناة والمجانين والمجرمين؟ وما ذنب الأبرياء العزّل؟ وما معنى كلمة إرهاب؟ ومن المسؤول؟ وكيف لغاصِب أن يتحوّل إلى ضحيّة يتمتّع بحقوق الفيتو؟ وكيف لضحيّة أن يتحوّل بمجرّد دفاعه عن أرضه المغتصَبة، إلى إرهابي وجب تركيعه، وسلبه وتجريده من أبسط حقوقه؟ وربّما حتى التّفكير في استئصاله من جذوره من منطقة ما، وإرغامه على الهجرة قسرا؟ هنا يطرح سؤال خطير:

قصيدة “ضوضاء أثبتت لنا : “أنّ كلّ شيءٍ في الحياة صالح أن يكون مادّة شعريّة حيّة وخصبة، وبهذا تتمكّن- قصيدة النثر- من أن تشقّ  طريقها الخاصّة، وأن تشكّل فضاء جديدا، تتبدّى فيه خصوصيّتها الفارقة، عبر خصوصيّة أبعادها الشّعريّة المختلفة، فبابتعادها على إيقاع التّجربة، بتحوّلاته الجيّاشة الحرّة قامت بفصل الشّعر عن النَّظم وحرّرته، وألغت تبعيّة إيقاع التّجربة لإيقاع العروض، كما تخلّصت من الرّؤى القائمة العامّة، ومن النّبرة الخارجيّة الجهيرة، وركّزت على

خصوصيّة التّجربة، وخصوصيّة النّبرة الشّعريّة وخصوصيّة الأداء، وتجاوزت مفهوم الصّورة البلاغيّة إلى مفهوم الصّورة البصيريّة، وأطلقت الصّوت الدّاخلي العميق، ليرتَع بحرّيّة مطلقة وتخفّفت من حالة العاطفيّة الصّاخبة التي طالما ارتبطت بدرجة الإيقاع العروضي،

وعكفت على تفاصيل الواقع، فاستبدلت بالذّاكرة المعرفيّة الذّاكرة البصريّة، وركّزت على ما نعيشه” عن الناقد المصري شريف رزق شعريّة في مقاله “قصيدة النّثر”.

فقد ساهمت الصّورة الشّعريّة في  القصيدة النّثرية ضوضاء ” للدكتور ناصر زين الدّين  في التّأثير على القارئ بصورة مباشرة وأن تبعث في نفسه الشّعور بالألم والحزن والكآبة، مذكّرا إيانا بشارل بودلير في ديوانه “أزهار الشّرّ” ذاك الشّاعر الفرنسي، السّابق لزمانه كما وصفه النّقاد الذي أضفى على القبح جمالا جامعا بين الخير والشّرّ مطعّما قصائده بمسحة سواد، وقد لاقى كتابه مقاومة شديدة من نقّاد عصره، متّهمينه بأنّه يُحدث في النّفوس كابوسا ذلك أنّه” يعد كابوسا” على حد تعبير غوستاف غوردان أحد  مدراء جريدة  لوفيغارو في القرن التّاسع عشر من معارضي صدور الكتاب… لما وجد فيه من قبح صور بها الذّوات بعد أن أزاح عنها القناع، فنفره لأنّه لم يَعِ معانيهِ، لأنّه لم يقرأه بعيني سارتر الذي خصّه بتقديم في إحدى الطّبعات…

يقول الشّاعر ناصر زين الدّين شارعا في نقل الخبر بعد الاستهلال:

 

“أرى حاملاتٍ

تجوبُ طرقا أفقيّةً

إلى أعلى نقطةٍ، فتقفُ

في غرابةٍ

وأنابيبَ

تملأُ السّماءَ

من صوبٍ إلى آخرَ “

وأسمع ضوضاءَ لا تتركُ لي هدوءا

هنا وهناك…

بريقٌ ثمّ بريقٌ…

أرى أناسا يرتمون في الوحلِ

وآخرينَ يلبسون أقنعةً

والباقونَ

تسيلُ وُجوههمْ كالشّمعِ تحت لهيبِ النَارِ …

أكاد أرى عيونهم الدّامعةَ

ودماؤُهم النّافرةَ

أخافُ وأركضُ

منْ هنَا…لا لا، إلى هناك…

 

أضيعُ في ضوضاءِ الموتِ

رأيت أناسا يركضون ويُقتلونَ…

وباباً

حاولتُ فتحَه

وكانَ من خلفِهِ

جثثٌ تُقفلُهُ

مُمسكةً به

تَركتُهُ

وبحثتُ عن بابٍ آخرَ

دمارٌ قد أكل نصفَه

عانقتُ الدّمارَ

لأقفزَ فوقه

تَتفتّتُ الحجارةُ بين أصابعي…

تراجعتُ

والأنابيبُ تنبتُ من  الأرض

أخافُ…

أرتعبُ…

سمعتُ الانفجاراتِ

فأيقظني ضوضاءُ سباراتِ المدينةِ في الغربةِ…

 

(2)

 

في ذاك الصّباحِ…

ومع فنجانِ قهوتِي

أسمعُ أخبارا

عشراتُ القتلى…

مئات الجرحى…في وطني…

تدمعُ عيني…

ينتحِب قلبي…

أصمتُ…

في بلاد الغربة اللّغةُ العربيّةُ ليستْ مفهومة…

وحيدا أبكي…

في لغة أجنبيةٍ غير معروفةٍ

وقد رأيت ما حصل

أيصدّقني أحد؟

وأنا الهاربُ من الوطنِ

هاربٌ من صرخةِ أمّ

وبكاءِ طفلٍ

وظلمِ جوعٍ…

ابحثُ في الأخبارِ 

في الصًحفِ

عن موطنِي

ولا أرى

سوى أخبارِ عرسٍ هنا وهناك…

الوطنُ بعيدٌ، وأخبارهُ بعيدةٌ…

 

 

 

5′

 

 

بعد عرضنا للجزء الأوّل والثّاني، من القصيدة موضوع فقرتنا هذه،  يتجلّى لنا الخبر أو الحكائيّة، أو ربّما إذا جاز أن نسمّيها ملحمة، في  شكل خطاب سردي مطعّم  بصور شاعريّة انفعاليّة  تظهر  بين الفينة والفينة ينقلها لنا  الشّاعر، تظهر في ملفوظ، أو معنى، ونورد في ما يلي على سبيل المثال البعض منها للاستدلال نذكر مثلا: (في غرابة، لا تترك لي هدوءا، بريق ثمّ بريق، تسيل وجوههم كالشّمع تحت لهيب النّار…، أكاد أرى عيونهم الدّامعة، دماء نافرة،  إلى غير ذلك من المعاني المشحونة بالصّور…)

فيتداخل لدى الشّاعر، الحاضر في الهنا، في الغربة في كندا، بالصّورة المشحونة في الذّاكرة، من هناك من أرض الوطن، منبع حدوث الواقعة التي حضرها، فالخبر ورد كمشهديّة من زمن ماضي، مسقط على زمن حاضر، في شكل صور متحرّكة، حرّكها الخيال ودفع بها في تركيب آخر جديد نتاج إخراج تخييل الكابوس في عرض ثالث،  لما حصل في الهناك قبل الهجرة  بعد أن خُزّن في الذّهن، واستحال كابوسا، لمنام مزعج يتكرّر، كلّما تكرّر الحدث في الهناك، في الهناك في موطنه، ينام ويصحو عليه  في الهنا في بلاد الغربة، التصق به و بذاكرته، فصار جزءا منه، يصعب فصله عن ذاته، عن ماضيه، وحتى عن حاضره، لذلك نراه في آخر الجزء الأوّل يستعمل الزّمن الماضي مستنجدا بحرف العطف (ف) الذي يفيد التّرتيب مع  العطف على كابوس سابق  لا يوجد بينه وبين المعطوف عليه مهلة  يقول:  “فأيقظني ضوضاء سيارات المدينة في الغربة…”

في حين أنّه يستعمل في ختام القصيدة، أي عند القفلة زمن الحاضر محدّدا المكان، عبر الإشارة إلى الأصوات الأجنبيّة، وفي تكراره  للفظ “في الغربة” ولمعنى “ضوضاءُ سيّارات المدينة” و”الأصوات”  تأكيدا على أنّ الكابوس يتكرّر ومازال… مستنجدا بحرف العطف (ثمّ)، الذي يفيد التّرتيب مع التّراخي، أي أنّ الكوابيس تكرّرت ويفصل بينها مدّة.

“ثمّ أستيقظ على أصوات أجنبيّة

وضوضاء سيّارات في الغربة…”. فصارت “ضوضاء سيّارت المدينة” حيث يقطن الآن في الغربة ، حافزا مثيرا لتوتّره  وقرينا  ل”ضوضاء  الموت”.

“أضيع في ضوضاء الموت ” ص96

“وأسمع ضوضاء لا تترك لي هدوءا…”ص95

لذلك وظّف العنوان ليلخّص حالة شعوره، وليَخلُص إلى معاناة تكاد تكون حالة مَرَضيّة، سايكولوجيّة وظِلٌّ مُسقَطٌ، ليأخذ  بذلك انعكاس الظلّ، والإسقاط، شكل (الاستعارة الكلّية) للقصيد، كما هو الشّأن لعنوان المجموعة الشّعريّة النّثريّة “آدون  الشّاعر المغترب” الذي يعتبر ظلّ صورة لحالة شعور كلّ مغترب في مدن الغربة وفي كلّ الأمكنة في العالم…

 ليستفيق في كلّ مرّة في الهناك في الغربة على أصوات سيّارات تذكّره  بالغارة الجوّية بتلك الانفجارات،

حيث يعيش ألمه وغربته بمفرده، لا أحد يشعر به، فلا أحد يفهم لغته فحتى إن تكلّم لن يقتنع أحد بقوله، ذلك أنّه هارب، فهو متّهم من هناك بعدم صدق وطنيّته، رغم أنّه ممزّق في مشاعره، وفي الهنا في بلاد الغربة، فالصّورة المسوّقة عن العربي (إرهابي) فها هو مرّة أخرى، غير معترف به، واقع بين مطرقة وسندان، هل اللّغة هويّته أم الجنسيّة المذكورة في بطاقة تعريفه، التي يتحصّل عليها العربي في بلاد الغربة، هي التي تحدّد هويته؟ أم ديانته هي التي تحدّد هويّته؟ أم ثقافته؟.. أم أنّ هويته إنسانيّة الإنسان في كينونته؟….

 قصيدة ضوضاء “ضوضاء”  تطرح مرّة أخرى مشكلة اللّغة العربيّة، كما تبرز عُمق مشكلة التّواصل للتّعريف بقضيّة العربي التي نشأت مع زرع الكيان الصّهيوني بالمنطقة العربيّة …

6

– الميتاشعر في قصيدة (ضوضاء):

 

يَحضُر الشّاعر، ويجلب معه أدواته، ويجلس في غرفته بين قلمه ودفاتره وكلماته التي لا تقرأ،مستفزّا القارئ لملإ الفراغات، معلنا بذلك  تعاليا نصّيّا، تجريبيّا، ونرجسيّة مقترنة بالميتاشعري، التي تتحدّث عن مكابدة الكتابة الشّعريّة وهي كتابة تعتمد بالأساس على إيهام القارئ، بالواقعيّة الشّاعريّة.

فيعمد إلى إخبارنا عن تطهير كلماته، وغسلها بدموعه وتغليفها بحزنه، وهذه أيضا كناية أخرى، تنقل صورة شعريّة استعاريّة لا تقلّ قيمة عن سابقاتها، تكشف عمق الحزن، وعمق المأساة و معاناة الشّاعر.

“أجلسُ في غرفتي

بين قلمي ودفتري

وكلماتي التي لا تُقرأ

أُغسل كلماتي بدموعي

وأُغلّفها بحزني

لأرسلَها

رثاءً لموطني “

ولمزيد حَبك صدق خبره، يستطرد

قائلا:

 “لكنّني نسيت أن أضعَ العنوانَ”

لنكتشف انفتاح قصيدة الشّعر النّثري على الرّسالة  إلى جانب غياب أخبار  وحضور أخرى ك”أخبار عرس”  المنقولة في الصّحف في بلاد الغربة.

غاب المقال وحضرت الأخبار في الصّحف:

“أبحثُ في الأخبارِ

في الصّحف

عن موطني

ولا أرى

سوى أخبارِ عرسٍ هنا وهناك…

الوطن بعيدٌ، وأخبارُهُ بعيدةٌ… “

 تأتي المفارقة المصاحبة للدّهشة

على شكل؛ بعد مسافة وبعد زمن وعدم اكتراث الآخر بأزمة العربي، وعدم قراءته لحروفه، بحجّة عدم فهمه، ولأنّ كتبنا لا تترجم بنفس قوّة ترجمتنا لكتبهم…

” تأتيني الرّسالةُ عائدةً

ظننتُها  الجوابَ

فتحتُها وقرأتُها

تذكّرتُ حزني مجدَّدا…

وبكيتها ثانيةً

وضعتُها على مكتبي…

وفي كلّ مساءٍ

أراها ثانيّةً 

أقرؤها ثانيةً

وأبكيها ثانيةً

وأحلمُ بها

ثم استيقظُ على أصواتٍ أجنبيّةٍ

وضوضاءِ سيّاراتٍ في الغربةِ…”

تُختم القصيدة بقفلة تحدث مفارقة محدثة دهشة.

يصاحبنا التّنغيم عبر التّكرار

(ثانيةً ثانيةً ثانيةً ثانيةً)  ليغدو ميزانا، وإيقاعا، وتأكيدا للمعنى مثل (وبكيتُها ثانيةً، وأبكيها ثانيّةً)  لإنتاج دلالة تكرار الألم والحزن والنّزيف والبكاء لتفجّر طاقة قوّة الإيحاء.

 

7

 

 

الجماليات المرصودة:

 

*حضوور المفارقة في تكرار التّشظّي..لبلوغ الصّدمة والدّهشة

في أنسنة القدر  بمصارعته

“صارعت الزّمان”

– وأنسنة الجنون بجعله رفيقا وونيسا:

“تنقّلت بين السّنينِ…”

– وتصوير حالاته وانفعالاته على مدار الفصول :

في الشّتاء دامعا…

في الرّبيع أرتعش…

في الصّيف باسما…

في الخريف أرتجفُ…

 – وتشييئ الحزن بتحويله إلى ثوب يرتديه لتنفتح على طقوس السّحر اقترانا بالأسطرة:

“ارتديت ثوبا حزينا

بخيط السّحر…”

 – تحويل الزّمن إلى أمكنة:

“تنقّلت بين السّنين”

 

*  تصوير التّضاد وجعله كالبرق والرّعد:

“ضوضاء في السّكون”

“وماتت

والدّمعة أضاءت”

“مزّقت سكون اللّيل في البكاء

ذرفت دمعة الشّقاء”

 

* العجائبي والمفارقة في قصيدة القبطان:

– “أطلقي سراحه يا حوريةُ

إنّه القبطانُ

إنه قائد السّفينةِ

أطلقي سراحه

سيجلب لك من الدّنيا ما عجزتْ عنه الشّياطينُ

ومن السّماء ما تعجز عنه الملائكة

إنّه القبطانُ

لا تظلميه

قد استقال من السّفينة” ( المفارقة الغريبة)* ص31

 

*المفارقة باستخدام الصّورة الشّعريّة الاستعاريّة لإحداث الدّهشة

 

“لترسم لي رحلة حياة أفضل”

“فأنام جثّة هامدةً

أنتظر غيث أمواجك

لتوقظني من حلم الغربة…”

 “وجعلتُ الأزقّة 

تبتلع نيرانها

الآن تبتلعني…”

“وقلم يرتجف

بثوبه الأسودِ”

 

*إثارة الأسئلة من أجل التأمّل:

“كيف هدّمت الأسوار؟”

“كيف خرجت ميدوزا من البحار؟”

“كيف حجرت بعينيها الصّغار؟”

“كيف هبّت  العاصفة يا حوريّة؟”

“كيف توقّف القبطان ؟”

“ووقع في متاهات الصّراع”

” فتانا الجريح

في مقبرة اليتامى”

وقع على الضريح

“شقاء بعد شقاء”

“تلتحف القمر

بين بقايا المدينة “

 

* الفكرة:  الإصرار والحلم بالعودة:

لا بدّ أن يعود

سيعود

بكفّه تنبت بسمة الصّغار

وتُنبت بيروت

ربيعا من الأنقاض

وشقائق النّعمان تهمس بالفتى

فيصحو الفتى

يقوم تمّوز بكفّيه يحمل الصّغار

آلهة وخصب وجمال

 

عشتار…

ألا تدري أن شاطئك في موعد؟…

ألا تدرين أن الحلم يكبر ويغرد؟…

ألا تدرين أن عصفورة الحبّ…

قالت لنا قبل دخولنا الأسطورة:

لكما الجنّة

(وهذا هو الموعد)

لكنّني لم أنس الموعد

المسافر في حزن الوجود

قاهر الزّمن… 

أعانق الحياة من جديد

اعتقدت في الوهلة الأولى

أنّ الموت استقر في قلبي

لكنّ قلبي ينبض

مستحيل

أنت ما زلت أنت

إلهة الخصب

أنتظرتك حينما كنت في رحلة مواجهة القدر

يا عاصفة ربيعيّة…

لا أريد أن أفقد شطآني…

فانتظريني

 على شاطئك الحزين ..

يا غجريّتي

 

“النّهر يكلّمني”

 

كأنّه يناديني للعودة

“كوجوه أطفالٍ

تنتظر الفرح”

 

 *معنى البعث:

(فيصحو الفتى)،

(أغيب لفترة عن العالم، وأعود مستقلّا حلمي)

 

* معنى الغدر:

“لتضرب زورقي “

“وأنّ عبابا من الرّيح”

“رحلة من نوع الجرح الجديد “

“وتأتي سهام لترمي جراحي”

“ويعمّق الجرح أكثر… فأكثر…”

“ذهب عن بالهِ أن تصطادهُ الشبكة

وتوقفه سمكةٌ”

 

* التّشخيص: 

“وكلّ أمواج البحار “

“تنعتني بالبحّار”

“تهابه العواصف”

“يهابه القدر”

“عزف الأمواج المتكسّرة”

 

* المجاز: سأستقل عينيك

 ويجعل من قلبه بحيرة حبّ

ليسكنك فيها

 

* التّشبيه:

“رحلة كرحلة القضاء “

“كان مهاجرا

 عن الزّمان

نسي أوطانه

وسافر في رحلة العذابِ”

 

* تكرار: للمعنى وللملفوظ…

تكرار بلاغي إيقاعي لتأكيد وشحذ المعنى وتوليده… وإحداث المفارقة والتّضاد لبثّ الرّوح في الدّيوان .

 

   تكرار وظيفي بلاغي :

– رغم

– دون

– كيف

– أكاد

– لكنّني

-يا

– أرى

 

” أنت والقمر”  (تكرار إيقاعي للمعنى وللملفوظ  كلي)*

“كأنّي لم أعد آدون…( تكرار إيقاعي جزئي للملفوظات)

“كأنّ الصّوت

الذي صرخ في السّماء

آدون… آدون… (تكرار إيقاعي للملفوظ وللتّشظّي بقصد المشاركة لإكمال الصّورة الاستعاريّة)*

تقنية تكرّرت في مواقع عديدة

“أحبّك..أحبّك”

“أنا فتى اللّيلِ”

-“أنت التي أطلقت ضياءكِ

فوق قلبي”( تكرار جزئي استدعاء الأنت لإسقاط الخبر عليها لتشكيل  الظلّ والضّوء كمثّال أو كرسّام  ماهر)*

 

“جعلتِ منّي الدّيانة

جعلتِ منّي الدّرب”

 

– تكرار معنى الغربة:

 “غُرّبت عنكما”

“لحنا غريبا أسمع”

“توقظني من حلم الغربة…”

“وأجراس الغربة يا أمّي”

“ما يزال جوفها غريبا”

 

– تكرار النّفي في حضور التّضاد: الموت والحياة:

” لم أعد أطلبُ حياتي 

لم أعد أطلب مماتي”

“لم أعد أجلس على مقعد خشبي

“انتهى مقعدي”

جميلٌ.. أن أتذكّر “

“مقعدٌ خشبي قديم”

“جميلٌ… أن أبحث عن سراب

وجميلٌ…أن أقف فارغ اليدين “

 “فأنام جثّة هامدة”

 

🍒

 

 

*  بعض الأمثلة في الاستعارة ك:

 

(الصّخرة، والبحار، وعشتار، والأسطورة،.تتكسّر وعزف الأمواج المتكسّرة…) ملفوظات عديدة، ومعان تدغدغ الذّهن في الدّيوان يلزمها مخابر الجامعات للبتّ فيها، والوقوف عند جماليّاتها، والعمل على المقاربة بينها وبين ما جاء في الأدب المحلّي العربي والعالمي، لتبيان مدى الانفتاح والاطّلاع وجماليّة الاستعارة وحضور التناصّات في المجموعة الشّعرية التي بين أيدينا، تلك التي تركب بنا  عباب البحر، لتبدأ من الصّخرة  كالصّخرة المقدّسة صخرة المعراج والانفتاح والكشف والفرج والأمل…

إلى صخرة سيزيف الأسطورة وقصّة المعاناة وسيزيف…

 ورحلة العقوبة…

معنى يأخذنا إلى الطّوفان والغرق في قصيدته “أنت والقمر” ص47

 

“كأنّ الصّوت

 الذي صرخ في السّماء 

آدون… آدون…

لم تعد تتذكّره عشتارُ…

تقطع البحار

وتغرقُ الأسطورةَ

والصّخرةَ

التي حفرنا عليها العهدَ

تتكسّرُ….”

  ونهر ابراهيم ” تهرب من نهر ابراهيمَ” فالأسطورة والبحر وغيرها من المعاني الواردة في القصيدة ما هي إلّا تراكمات ثقافيّة إنسانيّة تتلاقح بين الباثّ والمتلقّي، في إطار جدليّة الأخذ والعطاء تنشّط المعنى، من خلال السّياق والإطار الزّمكاني والمقام لتتحرّر بذلك الملفوظات من المعنى المعجمي المحدود، إلى فضاء شاسع التّأويل على رأي  الجرجاني  وأمبرتو إيكو…

فعالم البحار على سبيل المثال، يأخذنا إلى السّندباد الأسطورة، رمز العزيمة والإصرار وفتح الآفاق والانفتاح  والمغامرات اللّامحدودة..

 كذلك عشتار فهي رمز الحبّ تلك التي تغنّى بها السّيّاب ونيزار ووَرد ذكرها في العديد من القصص والرّوايات، أمّا جبران فحضر   إيحاء عبر ملفوظ “تتكسّر”  لتحضر بذلك ” “الأجنحة المتكسّرة”

فالكتابة بأجناسها المتعدّدة  شعرا كانت أم نثرا ما هي إلّا تفاعلات ذهنيّة ثقافيّة فكريّة يدفعها ويحرّكها الانفعال يؤطّرها المقام والسّياق الزّمكاني …

 

 

🍒🍒

 

 

* الحواس:

 

– النّظر :”كلّما نظرت إلى عينيك” “أرى” ،أراك ، “وتصبح، مسكن الحبّ عيناك “، “وأراك …كطفلة قلّ رؤياها إلّا في الجنّة “سأستقلّ عينيك”،”ألف عين”

 

“بيروت أمّ في عين وطن 

والعين تغازلني”

 

– السّمع والنّظر: “وشقائق النّعمان تهمس بالفتى”

“وأجراس الغربة يا أمّي

تنسيني صوت طيورك الصّباحيّة”

“حيث ما زلت أغفو على موسيقاك…”

“عزف الأمواج المتكسّرة”

 

–  اللّمس، والإحساس بالألم: بعد شخصنة الرّحلة “رحلة من نوع الجرح الجديد”، “ويعمق الجرح أكثر… فأكثر”،

“وأستيقظ

 كأنّني في أحضانك…

بيروت، ايا أمّي…!!”

 -معنى الارتجاف من الخوف من التّعبير مخافة الزج به في غيابات السّجون  فيتعمق بذلك معنى الخوف من فقد الدّفئ والحنان

“وقلم يرتجف

بثوبه الأسودِ

فيلتحف شاطئكِ”

 

-الشّم:

 

“تعلّمني الشّعر

وبعد أن أصبحت شاعرا

بعد أن جعلت من الزهور …

عطرا “

 

* الاختلاج:

 

“إلى جهنّم…

إلى حيث النّيران

إلى أن يحترق قلبي”

 

*أفعال مثيرة للوجدان والحركة والسّرعة:

يصرخن

أدخلي / تعالي 

يسكن/يُحمل

تُترك/فتطلق

انتظرتك

 

* الإيقاع عن طريق الجناس غير الكامل:

أرى/ العذارى

المدينة/ الرهينة

آب/ آت

 

* إيقاع بعض الحروف لإبراز معنى ما للفت الانتباه مثل حرف السّين في قصيدة “حينما تحزن عيناك”  لإبراز معنى السُّمو

(سماء،السّموَّ، أنس)

“تعلّمني ألّا أنسى

تعلمي السموَّ

فوق سماء الحياة “

 

* توظيف الكناية لخدمة الدراما والمنلوج والحوار والحضور والغياب والعجائبي إيقاع الزّمن وجغرافيّة الإنسان والكينونة :

 

“سافر في رحلة العذابِ”

“عانقت حزن الوجود”

“رهبة دون حدود”

“رهبة النّوى”

“رهبة البحار”

“دون رهبة”

“الرّهينة”

“لعينيك… يا عشتار…”

“وانقشع الغبار

مدينة عشتار

يا عشتار

ألا تدرين

ثوبي

“استيقظت “

“لترسم دربي”

“خذيني”

مدينة/ حزينة

قطرة/ قطرة

ترتدي/ثوبي

أشهد، يشهد

 

 

* آلية التّناص:

تأخذنا هذه الكلمات

“لا امرأة في الكون سواكِ.”

“وأشهد لك

إنّني لا أجد امرأة مثلك

لتكون عشتاري “

إلى قصيدة نزار قباني

أشهد أن لا امرأة أتقنت اللّعبة إلّا أنت للشاعر (نزار قباني)…

 

 

🍒🍒🍒

 

الرّؤيا:

“تهدّمت الأسوار حول بيروت

وانقشع الغبار “

“لا بدّ أن يموت

من هدّم الدّيار

بين أنقاض المدينة”

“لا أريد أن أخلع حبّك”

“لأنّ عينيك أيّتها الغجريّة الطّيّبة مركبي في بحار العاطفة”

 

* نذكر أمثلة في بعض المعجم المستعمل الأكثر تكرارا والمعاني المتداولة في الديوان

 

(الأسطورة

عشتار

آدون، البحّار

قبطان

(ميدوزا (أدد)*

أنا أدونيس

إنّني آدون…

القبطان

مهاجر

بيروت

في حرمة بيروت

لعينيك

رحلة

العذاب 

جرح

حلم

البحار

شقاء

أمواج

سفينة

 الانتظار / انتظريني

أحبّك

غربة

الضياع

الصّراع

وداع

البحّار

الغبار  

تحتضر

تموت

نجمة

الحوريّة

 شاطىء

رهبة الانتظار

تصرخ في الزّمن

صرخة أمواج

تعالت أمواج

كلّما نظرت إلى عينيك

سفينة الأسطورة

المحن

خوف

يحبّك

تعلمني)

 

🍒🍒🍒🍒

 

*التّناظر:

– عبر التّكرار لإحداث إيقاع لشدّ الانتباه لتشكيل الصّورة في إطارها لتبرز كأفيش يهيئ حاسّة البصر لاكتشاف مشهديّة في الحضور والغياب في التّقابل والتّضاد والمفارقة

 

 – تناظر كلّي

“تضمّك، تضمك

وأنت بعيدة”

 

“ألف عينٍ تعاديني

ألف عينٍ تعاديك

لكنّني أبقى أقول:

لا امرأةّ في الكون سواك “

 

– تناظر جزئي

“أشتاقك قلبا في صدري

أشتاقك قدرا في حياتي “

“وبسمة أحضنها

وأحضنها

دون أن أضجر …”

 

“حقيقة أن أراك

حقيقةٌ أن أقول أهواكِ

حقيقةٌ ألّا أعيش بسواك

لكن…”

– تأطير تناظر جزئي داخل تناظر كلّي، تلعب دور الفاصلة لتغيير الإيقاع:

“في زمن الغربة

تَحصلُ صحراءُ

ويَحصلُ بكاءُ الغبنِ

ويحصل ألّا أرى في الدّنيا

إلّا هواكِ

في زمن الغربةِ

حينما تحزن عيناكِ”

 “وأحبّ”

“أحبّك”

 

– تناظر مركزي كلّي يؤطّر القصيدة  يحتضن كلّ أنواع التّكرار المشكّل للإيقاع والإيحاء والتّناظر لإبراز الصّورة البلاغيّة والمبالغة، لإحداث الدّهشة والفانتاستيكي: بجمع الزّمن بالغربة، ليجعل من العين مرآة تكشف الحزن وزوما تؤطّر العالم والدّنيا والنّظر واللّوعة والحُرقة والحرقة والأمل والاحتراق ليكتب القصيدة، لنتأمّل مكابدة الكتابة، لينظم عِقدا ويفكّ عُقدا ويبعث أملا  داخل حضن امرأة، وطنا تحيا وتتنفّس به القصيدة فالقصيدة رئة تُحدث إيقاعا غنائيّا كالشّهيق والزّفير…في مسرحيّة دراما الهجرة والغربة… لتصبح القصيدة رافدا جوهريّا للتّناظر وزورق الرّؤيا ومسرح الحياة ومنبع التّواصل بين (الهنا والهناك) في دنيا التّلقي، عبر التّشظّي يحاول أن يعيد بها الشاعر إعادة صيغة حياة جديدة، لتركيب الحاضر بالماضي وتركيب بسمتها، من خلال نظم قصيدة كقصيدة

“حينما  تحزنُ عيناكِ” التي يستهلّها ب:

“حينما تحزن عيناك “

ويختمها ب:

“عندما تحزن عيناك”

“أحاول أن ألمسَ رحمتكِ

وأحاول أن أطالب الإلهَ

بعمرٍ قلّما نفترق فيه

في زمن الغربةِ…

“أحبيبتي

يا حبيبتي”

عندما تحزن عيناك

لا أرى في الدّنيا سواك

يحترق قلبي

وأنظم لك القصيدة “

 

* انفتاح قصيدة النّثر على الأجناس الأدبيّة والفنّية:

 كالرّسم: لنرسم دربي /لترسم حياة أفضل) ص 25، (ترسمك طفلة) ص20

 

(أنا من رسم للموت محنا…)

 

* الصّورة أو اللّوحة : فتانا الجريح

 

 * انفتاح على فنون عديدة لا متناهيّة يولّدها السّياق ويفجّرها التّأويل السّيميائي الأيقوني للرّمز، تساعده في ذلك انفتاح نظريّة التّلقّي على التّفاعل الإيجابي:  كلّما نظرت إلى عينيك ص25 فتتحوّل بذلك العيون إلى لغة تترجمها اللّغة بجعلها مرآة عاكسة، وزوم ومسرح وشاشة سينمائيّة، وراء ومرئي، وعالم من الاحتمالات الممكنة، في فضاء التّخييل الشّعري اللّامحدود…

🍒🍒🍒🍒🍒

الناقدة سهيلة بن حسين حرم حمّاد

الزهراء تونس/ سوسة في 06/06//2021

About The Author

Previous post

(الدوال الأسطورية لمدلولات واقعية) بقلم الناقد رائد مهدي / العراق.// موضوع نقدي عن المجموعة الشعرية (آدون الشاعر المغترب) للشاعر اللبناني المغترب في كندا ناصر زين الدين.

Next post

آدون ملحمة حياة وموت. قراءة في كتاب (آدون الشاعر المغترب) للشاعر ناصر زين الدين / بقلم الأديبة روزيت عفيف حدَّاد /سوريا

Contact