×

مِنْ أخطاءِ الكتابةِ : مَنعُ المَصْروفِ، وصَرفُ المَمْنوعِ /بقلم الدكتور مديح الصادق/ العراق-كندا

مِنْ أخطاءِ الكتابةِ : مَنعُ المَصْروفِ، وصَرفُ المَمْنوعِ /بقلم الدكتور مديح الصادق/ العراق-كندا

قسَّم النحاة الاسم إلى قسمين: أولا – الاسم غير المتمكن : وهو الاسم المبني، أي الذي يلازم حالة واحدة مهما كان موقعه من الإعراب في الجملة، والأسماء المبنية في اللغة العربية هي : الضمائر، أسماء الإشارة عدا ( هذان وهاتان ) إذ يُعربان إعراب المثنى، الأسماء الموصولة عدا ( اللذان واللتان ) إذ يُعربان إعراب المثنى، أسماء الاستفهام، أسماء الشرط، أسماء الأفعال، تقول: حضر الذينَ أُحبُّهم، التقيتُ الذينَ أُحبُّهم، سلَّمتُ على الذينَ أُحبُّهم؛ فالاسم الموصول (الذينَ ) حافظ على بنائه على الفتح وهو في محل رفع فاعل في الجملة الأولى، وفي محل نصب مفعول به في الثانية، وفي محل جر بحرف الجر في الثالثة.
وقد أجمع أغلب النحاة، ومنهم ( سيبويه ) على أن علَّة بناء الاسم هي مشابهته للحرف – والحروف مبنية – أ- إمَّا في الوضع، أي عدد الحروف؛ مثل ( التاء ضمير المتكلم ) و ( نا ضمير المتكلمين )، ب- أو في المعنى لحرف موجود كمشابهة ( أسماء الاستفهام لهمزة الاستفهام ) في أنها تفيد معنى الاستفهام، ومشابهة ( أسماء الشرط لحرف الشرط إنْ في إفادته لمعنى الشرط )؛ أو لحرف مُقدَّر كمشابهة أسماء الإشارة لحرف يُفترض أن يوضع ولم يُوضع ) ج- أو مشابهة الاسم المبني للحرف في الافتقار اللازم، كافتقار ( الاسم الموصول إلى الصلة ) د- أو في نيابة الاسم عن الفعل ( يعمل عمله ) ولا يتأثر بالعامل، كما هو حال أسماء الأفعال.
ثانيا – الاسم المتمكن : وهو المُعرَب، أي الذي تتغير علامة إعرابه باختلاف موقعه في الجملة، رفعاً، نصباً، وجرَّاً، لأنه لا يُشبه الحرف بشيء، وهو قسمان:
أ – متمكن أمكن : وهو الاسم المُعرَب الذي يقبل التنوين – تنوين التمكين – في الحالات الثلاث – إن خلا من أل التعريف أو الإضافة – ويُجَر بالكسرة، وهو الاسم المصروف، نحو : زارَنا سعيدٌ، فأكرَمْنا سعيداً، وسُرِرْنا بسعيدٍ. أعجبني مقالٌ ظريفٌ، قرأتُ مقالاً ظريفاً، اطلعتُ على مقالٍ ظريفٍ.
ب – متمكن غير أمكن : وهو الاسم المُعرَب الذي لايقبل التنوين في الحالات الثلاث، ويُجَرُّ بالفتحة بدلا من الكسرة – إلا إذا عُرِّف بأل التعريف أو أُضيف فإنه يُجر بالكسرة – وهو الاسم الممنوع من الصرف { وجعلْنا ابنَ مَريمَ وأُمَّهُ آيةً } بجر ( مريمَ ) بالفتحة بدلا من الكسرة
الأسماء الممنوعة من الصرف.
يُمنع الاسم من الصرف لوجود علتين أو أكثر، وفيما يلي تفصيل لحالات منع الأسماء من الصرف
أولا – العَلَم المنتهي بالتاء، اسما لمؤنث كان مثل ( فاطمة ) أم لمذكر مثل: ( طلحة )؛ والعلم المؤنث غير المنتهي بالتاء على أن تزيد حروفه على الثلاثة مثل : ( زينب )؛ والثلاثي المتحرك الوسط مثل : أمَل، سحَر؛ أما العلم المؤنث الثلاثي ساكن الوسط مثل: هنْد؛ فيجوز صرفه أو منعه من الصرف، وهنا اجتمعت علتا العلمية والتأنيث.
ثانيا – العلم الأعجمي الذي تزيد حروفه على الثلاثة { وأوحَينا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحقَ ويعقوبَ } والثلاثي المتحرك الوسط مثل : شتَر، بلَخ؛ أما العلم الأعجمي الثلاثي الساكن الوسط فيجوز صرفه أو منعه من الصرف مثل : هوْد، نوْح، لوْط، عاْد.
وهنا اجتمعت علتا العلمية والعجمة.
ثالثا : أسماء المدن والبلدان والمواقع ممنوعة من الصرف مثل : بغداد، دمشق، طرابلس؛ أما ( مِصْر ) فقد وردت في القرآن مصروفة في بعض المواقع { اهبطوا مِصْراً فإنَّ لكُم ما سألتُم } وممنوعة من الصرف في مواقع أخرى { وقال الذي اشتراه من مِصْرَ } وهنا تجتمع العلمية إما مع العجمة، أو مع التأنيث.
رابعا – الاسم العلم الذي يأتي على صيغة الفعل مثل : أحمد، شمَّر، يعرب، تغلب، يزيد، أكرم { ومُبَشِّرا برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ } وهنا اجتمعت علتا العلمية ووزن الفعل.
خامسا – الأعلام المختومة بألف ونون زائدتين مثل : عدنان، مروان، سلمان { شهرُ رمضانَ الذي أُنزِل فيه القرآنُ } وهنا اجتمعت علتا العلمية وزيادة الألف والنون.
سادسا – الصفات المختومة بألف ونون زائدتين – على ألا ينتهي مؤنثها بتاء التأنيث – مثل: سكران، سكرى؛ عطشان، عطشى؛ غضبان، غضبى، فلا تقول في مؤنثها: سكرانة وعطشانة وغضبانة، وهنا اجتمعت علتا الصفة وزيادة الألف والنون.
سابعا- الصفات الأصلية المبنية على وزن ( أفعل ) ومؤنثها على وزن ( فعلاء أو فعلى ) ولا يقبل تاء التأنيث، مثل: أحمر، حمراء؛ أدهم دهماء، { وإذا حُيّيتُم بتحيَّةٍ فحيُّوا بأحسَنَ منها } وإن كانت الصفة غير أصلية مثل: أربع؛ فلا تمنع من الصرف ولا يمنع ( أرمل ) لأن مؤنثه ( أرملة ) قد قبل تاء التانيث وهنا اجتمعت علتا الصفة ووزن الفعل.
ثامنا- العلم المُرَكَّب مثل : معد يكرب، حضرموت، بعلبك، قال مجنون ليلى
فلو كانَ واشٍ باليمامةِ دارُهُ وداري بأعلى حضرموتَ، اهتدى ليا، وهنا اجتمعت علتا العلمية والتركيب.
تاسعا- العلم المعدول وزنه من ( فاعل) إلى ( فُعَل ) مثل : عُمَر، قُزَح، زُحَل؛ إذ أصلها عامر وقازح وزاحل، أو إلى ( فَعال ) ومثلها حَذام ورَقاش؛ إذ أصلها حاذمة وراقشة – على مذهب تميم – خلافا لأهل االحجاز الذين يبنونها على الكسر، وهنا اجتمعت علتا العلمية والعدل.
عاشرا- كلمة ( أُخَر ) جمع كلمة ( أخرى ) { فمَنْ كانَ مِنكم مريضاً أو على سَفرٍ فعِدَّةٌ من أيامٍ أُخَرَ } وهنا اجتمعت علتا الصفة والعدل.
حادي عشر- الأسماء المنتهية بألف التأنيث المقصورة أو الممدودة مثل : حُبلى، حمراء، زكرياء؛ أما إذا كانت الألف ثالثة في الكلمة فإنها لا تُمنع من الصرف مثل : هواء، دعاء؛ وهنا قامت ألف التأنيث مقام علَّتين.
ثاني عشر – الأسماء المجموعة على صيغة منتهى الجموع، بعد الألف في جمع تكسيرها حرفان، أو ثلاثة أوسطها ساكن؛ مثل : مدارس، معامل، مفاتيح، دواوين، أراجيح، مفاتح { وزيَّنَّا السماءَ الدُنيا بمصابيحَ } وهنا قامت علة منتهى الجموع مقام علتين.
ثالث عشر- أسماء الأعداد من 1 – 10 المعدولة عن أصلها للاستغناء عن تكرارها مرتين، مثل : أُحادَ، او مُوحدَ، أي واحدا واحدا؛ عُشارَ أو مَعشرَ، أي عشرا عشرا { جاعل الملائكةِ رُسُلا أُلي أجنحةٍ مَثنى وثُلاثَ ورُباعَ } وهنا اجتمعت علتا الصفة والعدل.
ملاحظة 1 : وردت في بعض نصوص القرآن وأشعار العرب نماذج صُرِف فيها الممنوع، نحو: { سلاسلاً وأغلالاً وسعيراً } فقد وردت كلمة (سلاسل ) مصروفة وحقها المنع؛ وقال امرؤ القيس في صدر بيت له: تبَصَّرْ خليلِي هل ترى من ظعائنٍ.
لقد صرف ( ظعائن ) وهي ممنوعة من الصرف لأنها على صيغة منتهى الجموع.
وأخرى مُنِع فيها المصروف لضرورات الشعر( يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره ) هكذا قالت العرب، كقول العباس بن مرداس:
فما كانَ حِصْنٌ ولا حَابِسٌ يفوقانِ مِرداسَ في مَجمَعِ
فهو لم ينون ( مرداس ) وليس فيها علة لمنعها من الصرف سوى العلمية.
ملاحظة 2 : جاءت كلمة ( أشياء ) ممنوعة من الصرف في حين وزن ( أفعال ) غير ممنوع من الصرف؛ لكنها مقلوبة عن ( شيئاء ) التي على وزن ( فعلاء ) وهي جمع شيء
لقد استشهدنا بشواهد قرآنية وبعض من أشعار العرب القدامى؛ ذلك لأنهاالمصادر التي اعتمدها نحاة العربية، عسى أن نكون قد وفقنا في تقديم العون لمن هو بحاجة له، فاللغة أداة الكاتب في توصيل أفكاره، ووسيلته التي لابد من سلامتها كي يستقيم ما يبغي إيصاله للمتلقين

مِنْ أخطاءِ الكتابةِ : مَنعُ المَصْروفِ، وصَرفُ المَمْنوعِ
مديح الصادق

About The Author

Contact