آدون ملحمة حياة وموت. قراءة في كتاب (آدون الشاعر المغترب) للشاعر ناصر زين الدين / بقلم الأديبة روزيت عفيف حدَّاد /سوريا
آدون ملحمة حياة وموت. قراءة في كتاب (آدون الشاعر المغترب) للشاعر ناصر زين الدين / بقلم الأديبة روزيت عفيف حدَّاد /سوريا
أبعدتْه الحرب عن حبيبته، من بلاد المغترب يناجيها، يبثُّها أشواقه ويواسيها لمصابها الكبير، هو آدون ملحمة حياة وموت، هو الولادة المتجدّدة في الرّبيع كما تتجدّد الحياة بعد موات.
المغترب يتكلّم شعراً، إحساسه مرهف بسبب غربة قسريّة، أبعدتْه جسداً وتركت روحه معلّقة في وطن يتمزّق ويحترق وفي بيت يتهدّم. تنساب كلماته كنبع رقراق تتدفّق مياهه سلسبيلا يروي السّعار. أحبّ عشتار، نجمة الصّباح والمساء، اسم يليق بمدينته، بيروت، التي هي كالنجمة المضيئة دائماً وأبداً، لا تبرح خياله وفكره.
تنبت شقائق النّعمان باللونين: الأحمر كناية عن الدّم والحبّ والشهادة، دماء أدونيس التي سالت عندما هاجمه الخنزير البرّي ودموع الحبيبة عشتار المنسكبة حزناً التي روت التّراب، أمّا اللون البرتقالي فهو كناية عن الشّمس الآيلة للغروب، المسافرة لتنبلج من عتمة الليل في المشرق، من عتمة الحرب وتضيء المدينة على جميع سكانها، علّهم يستيقظون من سبات الحقد، فهي لا تكلّ ولا تملّ ساعية للخير.
آدون، هذا الشّاعر العاشق لوطنه، لا يفارقه الأمل في أن تكون مدينته:
“بيروت
ربيع في خريفنا العربي
يتأرجح اخضرارا”
أو أن تكون أمّه:
“بيروت
أعود إليك أمّي
من غربتي
حيث ما زلت أغفو على موسيقاك… وأستيقظ كأنّني في أحضانك
بيروت أيا أمّي”
يناجي أمّه في غيبوبته، أمّا في صحوه، فإنّ ذاكرته تتألّم، لم ينسَ، ذاكرته تختزن كلّ شيء لكن الكلمات تطفو على شفتيه ليسمع نفسه:
” والبيت تهدّم
في البيت القديم كنّا
واليوم في المهجر
نتصفّح الجرائد ولا نرى
سوى شعب تهجّر”
عذا الشّاعر المصرّ على العودة يحدّث أمّه عن ذاته، عن طائر النّورس الذي هاجر إلى البعيد:
“وتقول:
النّورس سيعود
يحمل في فمه حبّة قمح
رُسِمَ عليها البقاء”
وهل يليق بغير حبّة القمح رسم البقاء، رمز الحياة والولادة؟ هذا النّبات المقدّس، لقمة الشّعب؟
الشّاعر مطمئنّ أنّ البقاء العودة آتيان لا محالة فيسمح لنفسه بخاطرة مثل ترنيمة وجدانيّة:
“عيناك في مرأى الوجود
لحن
في أوتار عود
غرّد
راقص النّجوم
سافر
عند السّحر
ثمّ عاد بعد حين
يلبس القمر…”
قبل أن يوارب الباب على مشاعره، يطمئن مدينته:
“أحببتُ عينيك
كوطن شهيد
ينهض من جديد
يعيش من جديد… ولن يركع.”
يطمئنها أنّها باقية وشامخة مثل طائر الفينيق الذي نشأ على شواطئها، لا تهاب النّوازل لأنّها الأقوى دائماً، لأنّها ولّادة، حاضنة أولادها حتّى لو تغرّبوا إلى حين.
شكراً لك دكتور ناصر زين الدّين، شكراً لهذه المشاعر والكلمات التي تدخل قلب كلّ محبّ لوطنه. دمت بكلّ خير وألق.
أبعدتْه الحرب عن حبيبته، من بلاد المغترب يناجيها، يبثُّها أشواقه ويواسيها لمصابها الكبير، هو آدون ملحمة حياة وموت، هو الولادة المتجدّدة في الرّبيع كما تتجدّد الحياة بعد موات.
المغترب يتكلّم شعراً، إحساسه مرهف بسبب غربة قسريّة، أبعدتْه جسداً وتركت روحه معلّقة في وطن يتمزّق ويحترق وفي بيت يتهدّم. تنساب كلماته كنبع رقراق تتدفّق مياهه سلسبيلا يروي السّعار. أحبّ عشتار، نجمة الصّباح والمساء، اسم يليق بمدينته، بيروت، التي هي كالنجمة المضيئة دائماً وأبداً، لا تبرح خياله وفكره.
تنبت شقائق النّعمان باللونين: الأحمر كناية عن الدّم والحبّ والشهادة، دماء أدونيس التي سالت عندما هاجمه الخنزير البرّي ودموع الحبيبة عشتار المنسكبة حزناً التي روت التّراب، أمّا اللون البرتقالي فهو كناية عن الشّمس الآيلة للغروب، المسافرة لتنبلج من عتمة الليل في المشرق، من عتمة الحرب وتضيء المدينة على جميع سكانها، علّهم يستيقظون من سبات الحقد، فهي لا تكلّ ولا تملّ ساعية للخير.
آدون، هذا الشّاعر العاشق لوطنه، لا يفارقه الأمل في أن تكون مدينته:
“بيروت
ربيع في خريفنا العربي
يتأرجح اخضرارا”
أو أن تكون أمّه:
“بيروت
أعود إليك أمّي
من غربتي
حيث ما زلت أغفو على موسيقاك… وأستيقظ كأنّني في أحضانك
بيروت أيا أمّي”
يناجي أمّه في غيبوبته، أمّا في صحوه، فإنّ ذاكرته تتألّم، لم ينسَ، ذاكرته تختزن كلّ شيء لكن الكلمات تطفو على شفتيه ليسمع نفسه:
” والبيت تهدّم
في البيت القديم كنّا
واليوم في المهجر
نتصفّح الجرائد ولا نرى
سوى شعب تهجّر”
عذا الشّاعر المصرّ على العودة يحدّث أمّه عن ذاته، عن طائر النّورس الذي هاجر إلى البعيد:
“وتقول:
النّورس سيعود
يحمل في فمه حبّة قمح
رُسِمَ عليها البقاء”
وهل يليق بغير حبّة القمح رسم البقاء، رمز الحياة والولادة؟ هذا النّبات المقدّس، لقمة الشّعب؟
الشّاعر مطمئنّ أنّ البقاء العودة آتيان لا محالة فيسمح لنفسه بخاطرة مثل ترنيمة وجدانيّة:
“عيناك في مرأى الوجود
لحن
في أوتار عود
غرّد
راقص النّجوم
سافر
عند السّحر
ثمّ عاد بعد حين
يلبس القمر…”
قبل أن يوارب الباب على مشاعره، يطمئن مدينته:
“أحببتُ عينيك
كوطن شهيد
ينهض من جديد
يعيش من جديد… ولن يركع.”
يطمئنها أنّها باقية وشامخة مثل طائر الفينيق الذي نشأ على شواطئها، لا تهاب النّوازل لأنّها الأقوى دائماً، لأنّها ولّادة، حاضنة أولادها حتّى لو تغرّبوا إلى حين.
شكراً لك دكتور ناصر زين الدّين، شكراً لهذه المشاعر والكلمات التي تدخل قلب كلّ محبّ لوطنه. دمت بكلّ خير وألق.