×

شيءٌ من اللغة العربية ح 36 (أسلوب المدح أو الذمّ).بقلم د. مديح الصادق… من كندا.

شيءٌ من اللغة العربية ح 36 (أسلوب المدح أو الذمّ).بقلم د. مديح الصادق… من كندا.

(أسلوب المدح أو الذمّ).

بقلم الدكتور مديح الصادق… من كندا.

يُستخدم أسلوب المدح في حال استحسان فعل أو من يفعله، والإعجاب به، أو صفة أو مَن يتصف بها.

يستخدم أسلوب الذم في حال استهجان فعل أو من يفعله، أو صفة أو من يتَّصف بها.

عناصر أسلوب المدح أو الذمّ:

1- فعل الذم أو المدح، 2- الفاعل، 3- المخصوص بالمدح أو الذمّ.

يُستعمل للمدح الفعل (نِعمَ)، وللذمّ الفعل (بِئسَ)، وهما فعلان ماضيان جامدان، لا ينصرفان، تلحقهما تاء التأنيث مع المؤنث:

(نِعمَ الصديقُ ناصرٌ، نِعمَتْ الصديقةُ أميرةُ).

(بِئسَ الخُلقُ الكذبُ، بِئسَتْ الصفةُ المُراوغةُ).

يرى جمهور النحويين أنَّ (نِعمَ، وبئسَ) فعلان ماضيان جامدان، والاسم المرفوع بعدهما فاعل، والاسم المرفوع بعده مخصوص بالمدح، وفيه رأيان، مثلاً: (نِعمَ الصديقُ ناصرٌ):

1- نِعمَ: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب

الصديقُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

(ناصرٌ): (المخصوص بالمدح)، مبتدأ مُتأخر، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، خبره جملة (نِعمَ الرجلُ)، مُتقدم عليه.

2- (نِعمَ الصديقُ ناصرٌ): نِعمَ فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب.

الصديقُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

(ناصرٌ): خبر لمبتدأ محذوف وجوباً، تقديره (هو)، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، التقدير:(نِعمَ الصديقُ هو ناصرٌ)

…………………….

فاعل (نِعمَ، أو بِئس) يأتي على ثلاثة أقسام:

  1. مُحلَّى ب(الألف واللام): {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}. هنا لم يُذكر المخصوص بالمدح لدلالة ما قبله عليه.

(بِئسَتْ المرأةُ عبيرُ).

  • مُضاف إلى ما فيه (ألف ولام): {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}. هنا لم يُذكر المخصوص بالمدح لدلالة ما قبله عليه.

(بِئسَ مُضطهدِي الشعوبِ المستعمرونَ).

  • ضمير يفسِّره اسم نكرة منصوب على التمييز: (نِعمَ مُجتهداً صالحٌ).

نِعمَ: فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب، فاعله ضمير مُستتر يُفسِّره (مجتهداً).

مجتهداً: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

صالحٌ: مبتدأ متأخر، خبره جملة (نِعمِ هو)، المُتقدمة عليه.

من شواهد النحاة بيت لشاعر مجهول:

“لَنِعْمَ موئلاً المَولى إذا حُذِرَتْ… بَأْساءُ ذي البَغيِ واستيلاءُ ذي الإحَنِ”.

الشاهد فيه أنَّ فاعل (نِعمَ) ضمير مستتر، فسَّره التمييز (مَوئلاً)، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر متقدم للمبتدأ المتاخر (المولى).

ومثله قول شاعرآخر:

“تقولُ عِرْسي وهي لي في عَوْمَرَهْ… بِئسَ امرَأً وإنَّني بِئسَ المَرَهْ”.

الشاهد فيه أنَّ في جملة (بِئسَ امْرَأً) الفاعل ضمير مستتر، فسَّره التمييز (امْرَأً).

……………………

منع سيبويه وجمهور النحويين الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في أسلوب المدح أو الذمّ، فلا يجوز القول: (نِعمَ الأستاذُ أستاذاً محمدٌ)، والصواب إما: (نِعمَ الأُستاذُ محمدٌ)، أو (نِعمَ أُستاذاً محمدٌ).

هذا على رأيهم.
خالفهم آخرون في الجمع بين الفاعل الظاهر والتمييز (في حال أفاد التمييز فائدة تزيد عن فائدة الفاعل)، نحو: (نِعمَ الأستاذُ مُخلصاً فاضلٌ)، ومن شواهدهم على ذلك بيت لجرير بن عطية من قصيدة هجاء للأخطل التغلبي:

“وَالتَّغْلِبِيُّوْنَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُمُ… فَحْلاً وَأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِيْقُ”.

الشاهد فيه الجمع بين فاعل (بِئسَ) وهو اسم ظاهر (الفحلُ) مع التمييز (فَحلاً)، وهذا غير جائز عند سيبويه وجمهور النحويين.

وفي بيت آخر لجرير بن عطية يمدح عُمَر بن عبد العزيز:

” تزوّدْ مثلَ زادِ أبيكَ فينا… فنِعمَ الزَّادُ زادُ أبيكَ زادَا”.

……………………..

تلحق (ما) الفعلين (نِعمَ وبِئسَ): {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا}.

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ}. {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ}.

في إعراب (ما) وجهان:

  1. نكرة حقّها النصب على التمييز والفاعل ضمير مستتر.
  2. هي الفاعل حقّها الرفع وهي معرفة، وهذا رأي سيبويه نقلا عن (ابن خروف).

……………….

للمدح تستعمل (حبَّذا)، وللذمّ (لا حبَّذا).

من شواهد النحاة بيت ل(كَنْزَة، أم شملة بن برد المنقري) تهجو (مَيَّة) صاحبة (ذي الرمَّة):

“أَلا حَبَّذا أَهلُ المَلا غَيرَ أَنَّهُ… إِذا ذُكِرَت مَيٌّ فَلا حَبَّذا هِيا”.

في (حَبَّذا) ثلاثة آراء:

  1. روى بعض العلماء عن سيبويه أنَّ (حَبَّ) (فعل ماضٍ)، وفاعله اسم الإشارة (ذا)، فعلى رأيهم تُعرب (حبَّذا الفوزُ):

حَبَّ: فعل ماضٍ مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.

ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل الفعل (حَبَّ).

الخيرُ: مخصوص بالمدح، وفيه وجهان، كما ذكرنا فيما يخصّ (المخصوص بالمدح).

2- رأي (المُبرِّد، وابن السرَّاج، وابن هشام، وابن عصفور)؛ أنَّ:

(حَبَّذا): اسم مُركَّب من (حَبَّ) و(ذا)، و(حبَّذا) إمّا مبتدأ في محل رفع، خبره (خيرٌ)، أو (حبَّذا) خبر مقدم و(خيرٌ) مبتدأ متأخر.

3- رأي (ابن دستوريه) أنَّ (حَبَّذا) فعل ماضٍ و(الخيرُ) فاعله، وهذا الرأي ضعيف.

ملاحظة: بعد (حبَّذا) أو (لا حبَّذا)، قد يأتي المخصوص بالمدح مفرداً أو مثنى، أو جمعاً، مذكراً أو مؤنثاً؛ فتبقى (ذا) على حالها:

(حبَّذا الناجحُ، أو حبَّذا الناجحانِ، أو حبَّذا الناجحونَ، أو حبَّذا الناجحةُ، أو حبَّذا الناجحتانِ، أو حبَّذا الناجحاتُ).

ملاحظة: أصل الفعل (حَبَّ) (حَبُبَ) على وزن (فَعُلَ)؛ فدُمج حرفا الباء.

……………

يُستعمل للمدح أو الذمّ أيُّ فعل ثلاثي يصلح للمدح أو الذمّ، بعد أن يُبنى على وزن (فَعُلَ)، وتُطبَّق عليه أحكامهما، نحو:

(شَرُفَ الرجلُ صالحٌ)، (شَرُفَ صادقاً صالحٌ)، (لَؤُمَ المُنافقُ سعدٌ)، (لَؤُمَ مُنافقاً سعدٌ).

كما يستعمل للذمّ الفعل (ساءَ) ويُعامل معاملة (بِئسَ):

{بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}.

(ساءَ رجلُ الأمنِ ضياءٌ)، (ساءَ مُنافقاً ضياءٌ).

……………….

أتمنى أن أكون قد وفقت في عرض المادة بأسلوب ممتع، يسهل استيعابه.

نلتقي في الحلقة 37 (أسلوب التعجب).

كندا – الجمعة 15 نيسان 2022

About The Author

Contact