×

عَمُوْدُ الشِّعْرِ…// بقلم: د. محمد نعيم بربر ــ لبنان

عَمُوْدُ الشِّعْرِ…// بقلم: د. محمد نعيم بربر ــ لبنان

د. محمد نعيم بربر ــ لبنان

بمناسبة اليوم العالمي للّغة العربية في 18 كانون أوّل من كلّ عام ، وكذلك بمناسبة انعقاد فعاليات مهرجان الجواهري الرابع عشر الذي يقيمه الإتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق للمدة بين 16 و18 كانون أوّل

2021م ، أودّ المشاركة بنشر قصيدتي “عَمُودُ الشِّعر ” ، إهداءً إلى روح الشَّاعر العربي الكبير محمد مهدي الجواهري :

عَمُوْدُ الشِّعْرِ

إِهْدَاء إِلَى رُوْح الشَّاعِر الْعَرَبِيّ الْكَبِيرمُحَمَّد مَهْدِي الْجَوَاهِرِي.

نَظَمَ الشاعرهَذِهِ الْقَصِيْدَة ،  لِرِثَاءِ الشَّاعِرِ الْجواهري وَالرَّدِ عَلَى الَّذيْنَ قَالُوا بمَوْتِ “عَمُوْدِ الشِّعْرِ ” ، يَوْمَ وَفَاةِ الرَّاحِلِ الْكَبِيْر، وقد تمَّ نشرُها مرفقًا معها مداخلة  فِي جَرِيْدَةِ ” الْحَيَاةِ ” ، الصادرة في لندن ،                                  يَوْمَ الثَّامِنِ مِنْ شَهْرِ آب عَام 1997م العدد رقم : 12579 صَفْحَة 16.

فَقَالَ الشَّاعر تحت عنوان : “عَمُوْد الشِّعر” إلى بَقَاء.. ( كمَا وَرَدَتْ في جريدة الْحَيَاة):

ـــ قرأت ما كتب بعض الشعراء والنّقاد عن الجواهري في “الحياة”  يوم الخميس 31 / 7 /  1997م وهذا قليل من كثير سوف يكتبه لاحقًا مريدوه ودارسو أدبه والمعجبون بشعره … ولكنني بكيت عليه مرتين ، المرة الأولى عندما سمعت بنبإ وفاته ، والمرة الثانية يوم قرأت بين السطور في ما كُتب عنه وكأنَّ الشِّعر العربي مات بموته ، وكأنَّما سقطت الرّاية ودُفن “عَمُوْد الشِّعر” يوم رحيله !! وكأنَّني            أرى مناصري الْحَداثة ، قد أعدّوا حفلة عرس لذلك اليوم .

لا، لن يعلن موت الجواهري ، نبأ وفاة العمود الشعري ودفنه. ستبقى رايته عالية خفّاقة تعيش مع هموم العصر وأحزانه ، وفرح الإنسان وطموحاته ، وستبقى مدرسة الجواهري مشرّعة أبوابها،                                                                                                                                                                                                   تستقبل الشعراء المبدعين الذين سينتقلون إلى القرن الحــادي والعشــرين  ويتناقلون فيمــا بينــهم  ، صولجان الشعرالعربي ، كما فعل الجواهري .

سأحمل راية الشعر العربي بعدك يا أبا فرات ، فاهنأ قريرالعين في رحلتك إلى العالم الآخر، وستبقى خالدًا في ضميرأمّتك وفكر محبّيك ومريديك . وإنَّني أتساءل ! ألم يسمع هؤلاء الضعفاء ما قال الشاعر العربي قديمًا : ” إذا مات منّا سيّد قام سيّد”.

إنني آمل مشاركة محبّي ومريدي الشاعرالكبير الجواهري رحمه الله ، بهذه القصيدة ، مهداة إلى روحه من خلال جريدتكم ، كما أرجو نشرها في أقرب وقت وفاء لذكرى الشاعر الكبير :

حِينَ يَكْبُو مَعَ الْكَمِـــيِّ حِصَانُــهْ (1)

لَيْسَ يَكْبُو أَوْ يَنْثَنِــي صَوْلَجَانُــهْ

أُكَرُ السَّبْقِ ، كَمْ  تَدَاعَتْ كُسُوْفًا (2)

حِيْنَمَا اسْتَنْهَضَ الْكَمِــيَّ حِصَانُـهْ

يُسْلِمُ الرُّوْحَ ، فَـــارِسٌ عَبْقَـــرِيٌّ

حِيْنَ يَهْوِي كَمَــــــارِدٍ عُنْفُوَانُــــهْ

غَيْرَ أَنِّـــي أَرَاكَ فِي الشِّعْرِ حَيًّـــا

يَا كَمِيًّــــــا ، إِسْتَيْقَظَتْ أَجْفَانُـــهْ

فَارِسُ الشِّعْرِ لا يَمُوْتُ عَصِيًّــــا

سَيِّـــــــــدُ الشِّعْرِ لا تَفُلُّ بَنَانُـــــهْ

يُوْرِقُ الشِّعْرُ ، حِيْنَ تَخْضَلُّ مِنْهُ

فِي رَحِيْـــــقٍ مِنَ النَّدَى أَفْنَانُــــهْ

كُنْتَ فِي الشِّعْرِ بِالنَّدَى مُسْتَحِمًّـا

فِي فُرَاتِ الْعِرَاقِ ، تَحْلُوْ دِنَانُــهْ

مُسْتَجِيْرًا إِلَى الشَّــــآمِ ، لِتَلْقَــــى

بَرَدَى ، بِالْحَنِينِ فَـاضَ حَنَانُـــهْ

سَكَبَ الشِّعْرُ فِيْكَ دَمْعًــــــا نَدِيًّـــا

حِيْنَ فَاضَتْ شَجِيَّــــــةً أَحْزَانُــــهْ

وَبُكَائِي عَلَيْكَ دَمْعًـــــــا سَخيًّــــا

كَانَ شِعْــــــرًا تَمَنَّعَتْ أَوْزَانُـــــهْ

فَرِحَ الْبَعْضُ عِنْدَ مَوْتِــــكَ لَمَّــــا

حَسِبُوا الشِّعْـرَ فِيْكَ وَلَّى زَمَانُـــهْ

جَهِلَ الْبَعْضُ أَنَّ لِلشِّعْرِ رَبًّــــــــا

سَوْفَ يَبْقَى عَلَى الْمَدَى سُلْطانُــهْ

وَضِعَافُ النُّفُوسِ يَخْشَوْنَ دَوْمًــا

غَضَبَ الشِّعْرِ إِنْ يَثُرْ بُرْكَانُــــــهْ

رَايَةُ الشِّعْرِ لَنْ تَؤُولَ لِغَيْــــــرِي

بَعْدَكَ الشِّعْرُ عَزَّ فِيَّ مَكَانُــــــــهْ

لَيْسَ شِعْرًا مَا يَدَّعُونَ حَدِيْثًــــــــا

ذَاكَ كُوْخٌ تَسَاقَطَتْ أَرْكَانُـــــــــهْ

وَبُحُورُ الْخَلِيلِ مَا جَفَّ فِيْهَـــــا (3)

بَحْرُ شِعْرِي وَمَا انْفَرَتْ شُطْآنُــهْ

يَلْفُظُ الْبَحْرُ كُلَّ غَثٍّ ، وَلَكِــــــنْ

يَسْكُنُ الْبَحْرَ غائِصًا ، مَرْجَانُـــهْ

سَوْفَ أَبْقَى مُحَلِّقًا ، مِثْلَ نَسْـــــرٍ

فَوْقَ بَحْرٍ ، مُحَمَّدٌ رُبَّانُـــــــــهْ (4)

قَدْ تَسَامَتْ أَسْمَاؤُنَا مِنْ قَدِيْــــــــمٍ

فَكِلاَنَـــــــا إِسْمٌ تَرَفَّعَ شَانُــــــهْ (5)

وتَآخَتْ بِالرُّوْحِ فِيْنَـــا صِفَـــاتٌ

يَعْرِفُ السِّرَّ مَنْ صَفَا وِجْدَانُـــهْ

إِنْ يَمُتْ شَاعِرٌ ، وَ يَكْبُ كَمِــيٌّ

لَمْ يَمُتْ بِي ، وَمَا كَبَا صَوْلَجَانُـهْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ الْكَمِيّ : الْفَارِس . (2) ـ أُكَرٌ : مُفْرَدُهَا كُرَة . (3) ـ الْخَلِيْل : هو الْخَلِيْلُ بْنُ أحْمَد الْفَرَاهِيْدِي وَاضِعُ عِلْمِ الْعَرُوْضِ . (4) ـ مُحَمَّد : الْمَقْصُوْد الشَّاعر الْجَوَاهِرِي . (5) ـ شَانُه : أي : شَأْنُه

About The Author

Contact